بكم؟! يذكر سفههم وقلة بصرهم ومعرفتهم.
ثم قال : (قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ) أن مع الله إلها فعل ذلك بكم (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ).
ثم قال : (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ) : كأنه قال ـ والله أعلم ـ لرسوله : قل لا يعلم ممن تعبدون من أهل السموات ومن في الأرض الغيب إلا الله ؛ لأن بعضهم كان يعبد أهل السموات وهم الملائكة ، وبعضهم كانوا يعبدون من في الأرض ؛ يقول : لا يعلم ممن تعبدون من دون الله من في السموات والأرض الغيب ، إنما يعلم الغيب الله.
ثم قوله : (الْغَيْبَ) يخرج على وجهين :
أحدهما : ما يغيب بعضهم من بعض ؛ يقول : ما يغيب بعضهم من بعض فهو يعلم ذلك.
والثاني : لا يعلم الغيب إلا الله ، أي : ما كان وما يكون إلى أبد الآبدين لا يعلم ذلك إلا الله وإن أعلموا وعلموا ذلك.
ومنهم من صرف الغيب إلى البعث والساعة ، يقول : لا يعلم الساعة أحد متى تكون إلا الله.
وقوله : (وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) : قال أهل التأويل : وما يشعر أهل مكة متى يبعثون ، لكن لو كان الجهل عن وقت البعث ، فأهل مكة وغيرهم من أهل السموات وأهل الأرض في جهلهم بوقت البعث شرعا سواء ، لا أحد يعلم من أهل السموات والأرض أنه متى يبعث ، إلا أن تكون الآية في منكري البعث ، فحينئذ جائز صرفه إلى بعض دون بعض ، فأما في وقت البعث فالناس في جهلهم بوقت البعث سواء ، وهو ما قال في آية أخرى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها ...) الآية [الأعراف : ١٨٧] ، أخبر أنه لم يطّلع أحد على علم ذلك عند الله.
وقوله : (بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ) : اختلف في قراءته وتأويله :
أما القراءة : فإنه قرأ بعضهم : (ادَّارَكَ) بالتشديد والألف.
وقرأ بعضهم : ادراك بإسقاط الألف والتشديد.
وقرأ بعضهم : بلي بإثبات الياء في بلى ، على الوقف عليها ، وأ أدارك على الاستفهام : بلى أأدرك.
ومنهم من قرأ على الاستفهام : آدرك على غير إثبات الياء في حرف (بَلِ) وعلى