غير قطع منه.
فمن قرأ : ادراك بالتشديد على غير الاستفهام ، يقول : معناه : تدارك واجتمع ، أي : تدارك علمهم في الآخرة ، يقول : أبلغ علمهم بالآخرة.
أي : لم يدرك ولم يبلغ علمهم ، (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ) ، يسفههم ويجهلهم ، يقول : ما بلغ علمهم بالآخرة.
وقال بعضهم (١) : (بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ) ، أي : أم ادّارك علمهم.
وقال بعضهم : (٢) (ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ) ، أي : خاب علمهم عن الآخرة ، وادّرك في الآخرة حين لم ينفعهم.
وعن الحسن (٣) قال : (بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ) ، أي : اضمحل علمهم وذهب ، وعن ابن عباس وغيره قالوا : (بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ) ، بل أجمع علمهم بأن الآخرة كائنة ، وهم مشركو العرب.
(بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها) قال : يقولون مرة : الآخرة كائنة ثم يشكون فيها فيقولون : ما ندري أكائنة أم لا؟
(بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ) يعني : جهلة بها.
وجائز أن يسمى الشاك في شيء : عميّا.
وأبو عوسجة والقتبي يقولان : (ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ) أي : تدارك ظنهم في الآخرة ، وتتابع في القول.
(بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ) أي : من علمها.
وقال بعضهم من أهل الأدب : لا تستقيم قراءة من قرأ بإثبات الياء في بلى والصلة بالأول ؛ لأن (بلى) بالياء إنما يقال في الإيجاب والإثبات ، وما تقدم من الكلام هو على الإنكار والنفي ، وذلك غير مستقيم في اللغة والكلام.
قوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذا كُنَّا تُراباً وَآباؤُنا أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ (٦٧) لَقَدْ وُعِدْنا هذا نَحْنُ وَآباؤُنا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٦٨) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ
__________________
(١) قاله مجاهد ، أخرجه ابن جرير (٢٧٠٧٤) و (٢٧٠٧٥) و (٢٧٠٧٦) ، والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر ، كما في الدر المنثور (٥ / ٢١٤).
(٢) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير (٢٧٠٧١) ، وابن المنذر وابن أبي حاتم ، كما في الدر المنثور (٥ / ٢١٤).
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم ، كما في الدر المنثور (٥ / ٢١٤).