(أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) مقطوع من قوله : (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ) ؛ كأنه قال : (يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ) أي : يبين لهم ، ثم قال على الاستئناف : (أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ).
وقال بعضهم : لا ، ولكن هو موصول بعضه ببعض ؛ (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُ) أي : يبين على بني إسرائيل أكثر ما اختلفوا فيه.
فإن كان على ما يقول هذا ، فهم بأنفسهم يبينون الاختلاف الذي هم فيه لا يحتاج إلى أن يبين القرآن الذي هم فيه يختلفون ؛ إذ هم يبينون ما اختلفوا فيه.
ولكن تأويله ـ والله أعلم ـ إن هذا القرآن يبين لهم الحكم في أكثر ما يختلفون ، أو يبين لهم الحق في أكثر ما يختلفون فيه.
وفي ظاهر الآية أنه يبين لهم أكثر الذي هم فيه يختلفون : أنه قد بقي شيء مما اختلفوا فيه لم يبين لهم ؛ حيث قال : (أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) ، لكن قوله : (أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) أي : يبين لهم ما فيه نص القرآن ، ولم يبين لهم ما فيه دليل القرآن ، أو يبين لهم ما فيه نص القرآن ولم يبين ما فيه سنة القرآن ونحوه ، والله أعلم.
وقوله : (وَإِنَّهُ) أي : القرآن الذي ذكر ، (لَهُدىً وَرَحْمَةٌ) أي : هدى ورحمة ، أي : هدى من الضلالة لمن اتبعه في الدنيا وعمل به ، ورحمة في دفع العذاب عنهم في الآخرة ، فيكون هو هدى ورحمة لمن آمن به.
وقوله : (إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ) : حكمه : هو عدله ؛ كأنه يقول : إن ربك يقضي بينهم بعدله ، لا يجور ولا يظلم في الحكم والقضاء.
(وَهُوَ الْعَزِيزُ) : الذي لا يعجزه شيء ، (الْعَلِيمُ) : الذي لا يخفى عليه شيء ؛ عزيز بذاته عالم بذاته.
وقوله : (فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) أي : توكل على الله واعتمد عليه ، ولا تخف مكرهم وما يريدون ويقصدون أن يكيدوا بك ؛ كقوله : (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) [المائدة : ٦٧] وقوله : (إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ) ؛ لأن معك حججا وبراهين ، وليس مع أولئك حجج وبراهين ، وإن كان كل منهم يقول : إنا على الحق ، فأنت على الحق المبين لا هم ؛ لأن معك حججا وبراهين ؛ فالذي أنت عليه حق ، وإن الذي هم عليه باطل ليس بحق.
وقوله : (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) : قال بعض أهل التأويل : بلغنا أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم نادى يوم بدر : «يا فلان ويا فلان ـ وهم قتلى بعد ما أمر أن يجمعوا