فيتكلف صحته أو سقمه ، إنما هو شيء يجب التصديق به ، فنقول بالنفخ والصور على ما جاء ولا نفسر ، والله أعلم.
وقوله : (فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) ، وقال في آية أخرى : (فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) [الزمر : ٦٨] إنما هو إخبار عن شدة هول ذلك اليوم ؛ كقوله : (وَتَرَى النَّاسَ سُكارى ...) الآية [الحج : ٢] ؛ وكقوله ـ تعالى ـ : (يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ) [الحج : ٢] ونحوه.
وقوله : (إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ) : هم الشهداء في الأرض ؛ وعلى ذلك روي في بعض الحديث أنه قال : «ما أعطي آدمي بعد النبوة أفضل من الشهادة ، لا يسمع الشهيد الفزع يوم القيامة إلا كرجل قال لصاحبه : أتسمع ، قال : أسمع كتأذين الصلاة».
وقال بعضهم (١) : هم جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت.
وقال بعضهم : هم الأنبياء والرسل.
لكن لا نقول نحن : إن أهل الثنيا هم كذا ولا نشير إلى أحد ؛ لأنا لا نعلم ذلك إلا إن ثبت في ذلك خبر عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم فنقول به.
وجائز أن يكون الذين استثناهم عن الذين أخبر عنهم في آخر الآية أنهم يكونون آمنين من فزع ذلك اليوم وهوله ، وهو ما قال : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ).
وقوله : (وَكُلٌّ أَتَوْهُ) : قرئ بالمد آتوه وتطويله مضموم التاء فيه على مثال (فاعلوه) ، وهو جمع (آت) ؛ كقوله (إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً) [مريم : ٩٣] ، و (أَتَوْهُ) جمع (أتى) وهو من سيأتون.
وقرأ بعضهم بقصر الألف ونصب التاء على الإتيان (٢) : قد أتوه (٣).
وقوله : (داخِرِينَ) قيل (٤) : صاغرين ذليلين ، دخر ، أي : ذل.
وقوله : (وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ) : قال بعضهم (٥) : وهي تمر مر كذا ؛ لكثرتها وازدحامها يرنو الناظر إليها ويحسبها كأنها جامدة ؛ وكذلك العسكر العظيم
__________________
(١) قاله الكلبي ومقاتل ، كما في تفسير البغوي (٣ / ٤٣١).
(٢) ينظر : اللباب (٥ / ٢٠٦).
(٣) ثبت في حاشية أ : وأتوه : نعت الفاعلين على معنى الفعل ، كأنه قال : وكل سيأتون ، شرح.
(٤) قاله ابن عباس وقتادة وابن زيد ، أخرجه ابن جرير عنهم (٢٧١٢٠) و (٢٧١٢١) و (٢٧١٢٢) ، وانظر : الدر المنثور (٥ / ٢٢١).
(٥) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٧١٢٤).