إبراهيم بالولد وهو قوله : (فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ) [هود : ٧١] ، ونحوه مما يكثر ذكره لم يصيروا بذلك رسلا ؛ فعلى ذلك الوحي إلى أم موسى يحتمل ما ذكرنا.
وجائز ذلك من غير أن صارت بذلك رسولة ، وهو أشبه وأقرب ، والله أعلم.
وقوله : (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً) : قال بعضهم : في الآية إضمار ؛ لأنهم لم يلتقطوه ؛ ليكون لهم عدوا وحزنا ولكن كان فيه إضمار ، أي : التقطه آل فرعون ليتخذوه ولدا ووليا ، فكان لهم عدوا وحزنا إذا كبر [و] نحو هذا.
وقال بعضهم : ذاك إخبار عما في علم الله أنه يكون ما ذكر ، معناه ـ والله أعلم ـ : التقطه آل فرعون ، فكان في علم الله ـ تعالى ـ أنه يكون لهم عدوا وحزنا ، وذلك جائز في اللغة ؛ يقال :
............................ |
|
لدوا للموت وابنوا للخراب |
لا يلدون للموت ولا يبنون للخراب ، ولكن إخبار عما هو عليه عملهم في الآخرة ، والله أعلم.
وقوله : (إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما كانُوا خاطِئِينَ) : ظاهر. وفيه نقض قول المعتزلة من وجه.
وقوله : (وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً) : هذا لطف من الله بموسى ؛ حيث ألقى محبته في قلوبهم وحلاوته في أعينهم ، وهو ما ذكر منة عليه حيث قال : (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي) [طه : ٣٩] ليتأدى بذلك الشكر عليه.
قال أبو معاذ : قال مقاتل : قوله : (قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا) تقول : ليس لك بقرة عين.
قال أبو معاذ : وهذا محال ، ولو كان كذلك لكان في القراءة : «تقتلونه» ، وهذا ـ أيضا ـ محال لقوله : (عَسى أَنْ يَنْفَعَنا) ، ولو كانت القراءة : (قرت عين لي ولك لا [لا] تقتلوه) لكان مقاتل مصيبا.
وقوله : (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) : يحتمل وجهين :
أحدهما : (١) (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) أن إهلاكهم واستئصالهم على يديه.
والثاني : لا يشعرون أنه هو المطلوب بقتله من بين الكل ، والله أعلم.
وقوله : (وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً) : قال بعضهم (٢) : فارغا من هم موسى وحزنها
__________________
(١) قاله قتادة أخرجه ابن جرير (٢٧١٩١) و (٢٧١٩٢) ، وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عنه ، كما في الدر المنثور (٥ / ٢٢٩).
(٢) قاله أبو عبيدة ، كما في تفسير البغوي (٣ / ٤٣٧).