وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ وَاللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ) (٢٨)
وقوله : (وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ) : قال بعضهم (١) : أخذ طريقا إذا سلك ذلك الطريق وأخذ فيه خرج تلقاء مدين ، أو وقع تلقاء المكان المقصود إليه.
وقوله : (قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ) أي : الطريق الذي كان يقصده ويطلبه وهو طريق مدين ، وذكر أنه كان ضل الطريق.
وقوله : (وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ) أي : ورد البئر التي كان ماء مدين من تلك البئر.
(وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ) أمة أي : جماعة.
وقيل (٢) : أناس من الناس يسقون أغنامهم ومواشيهم.
(وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ) : قال بعضهم (٣) : (تَذُودانِ) : تحبسان حتى يفرغ الناس ويصدرون ويخلو لهما البئر.
وقال بعضهم : (تَذُودانِ) أي : تطردان أغنامهما لتسقياها.
ثم قوله : (وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ) يحتمل وجهين :
أحدهما : تذودان غنمهما ولا تسقيانها حتى يصدر الرعاء ؛ لما لا تتركان تسقيان غنمهما مع غنم أولئك الرعاء حتى يصدروا هم.
والثاني : لا تمنعان ذلك ، ولكنهما تستحيان أن تزاحما الرجال وتختلطا بهم ، فتنتظران فراغهم صدور الرعاء عنها.
فإن قيل : فما بالهما لا تتخلفان وقت اجتماع القوم ، وتشهدان في ذلك الوقت ، ولا تنتظران خلاء البئر عنهم؟!
قيل : لما ذكر أن على رأس البئر حجرا يلقى عليه لا يطيقه إلا كذا كذا نفرا ؛ وكذلك الدلو التي يستقى منها لا يطيقها إلا كذا كذا من عشرة إلى أربعين على ما ذكر ، فهما تشهدان ذلك البئر وقت شهود القوم وحضورهم ؛ ليتولوا هم نزح الدلو واستقاءها ، ولو تخلفتا وانتظرتا خلاء البئر عنهم ثم تأتيان ، لم تقدرا على نزح الماء والدلو ، ورفع الحجر الذي ذكر أنه كان على رأس البئر ؛ لذلك كان ما ذكر ، والله أعلم.
وقوله : (ما خَطْبُكُما) أي : ما شأنكما وما أمركما؟ (قالَتا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ
__________________
(١) قاله عكرمة ، أخرجه ابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور (٥ / ٢٣٥).
(٢) قاله مجاهد ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٧٣١٤) و (٢٧٣١٥).
(٣) قاله أبو مالك أخرجه ابن جرير (٢٧٣٢٢) وابن المنذر وابن أبي حاتم ، كما في الدر المنثور (٥ / ٢٣٧).