وقوله : (وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ) ليس هذا بموصول بقوله : (إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) ولكن ذلك ما ذكر في سورة طه : (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ ...) [طه : ١٢] إلى آخر ما ذكر.
ثم قال في آخره : (وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ) أي : تتحرك (كَأَنَّها جَانٌ) قال بعضهم : الجانّ : الحية الصغيرة.
وقال بعضهم : الجانّ ما يعم العظيمة والصغيرة ، والله أعلم.
وقوله : (وَلَّى مُدْبِراً) فارّا هاربا (وَلَمْ يُعَقِّبْ) أي : لم يلتفت ولم يرجع لشدة خوفه وفرقه.
وقوله : (يا مُوسى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ).
قوله : (وَلا تَخَفْ) يحتمل وجوها :
أحدها : على رفع الخوف من قلبه ؛ إذ قال : له الأمن فيه.
والثاني : على البشارة أنه لا يؤذيه ؛ كأنه يقول : لا تخف وكن من الآمنين ، فإنه لا يؤذيك.
والثالث : على النهي ، أي : لا تخف ؛ فإني أحفظك وأدفع أذاه عنك ؛ كقوله : (قالا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا أَوْ أَنْ يَطْغى. قالَ لا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى) [طه : ٤٥ ، ٤٦] أسمع ما يقول لكما ، وأرى ما يفعل بكما ، وأدفع ذلك عنكما.
وقوله : (أَوْ جَذْوَةٍ) بكسر الجيم ورفعها ؛ قال بعضهم : عود قد احترق بعضه.
وقال قتادة (١) : أصل شجرة فيها نار.
وقال أبو عوسجة : الجذوة : مثل الشهاب سواء ، والجذى : جمع الجذوة.
وقال أبو عوسجة : الجذوة : القطعة الغليظة.
وقال القتبي (٢) : الجذوة : عود قد احترق ، أي : قطعة منها.
وشاطئ : أي شط الوادي.
آنست : أبصرت ، وكذلك قوله : (فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً) [النساء : ٦] أي : أبصرتم وعلمتم.
وقوله : (اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ) على ما ذكر في آية أخرى : (وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ) [النمل : ١٢] هذا يدل أن لا بأس بتغيير الألفاظ واختلافها بعد إصابة المعنى وما قصد بها.
وقوله : (تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) قد ذكرناه فيما تقدم.
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٢٧٤١٦) ، و (٢٧٤١٧) وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم ، كما في الدر المنثور (٥ / ٢٤١).
(٢) ينظر : تفسير غريب القرآن ص (٣٣٢).