وقال بعضهم (١) : هو الغرق ، والله أعلم.
وقوله : (وَإِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ) : هو نسق على قوله : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ) ، وأرسلنا إبراهيم أيضا إلى قومه.
أو أن يكون نسقا على قوله : (فَأَنْجَيْناهُ وَأَصْحابَ السَّفِينَةِ) ، وأنجينا إبراهيم أيضا حين ألقي في النار.
أو يقال : اذكر إبراهيم إذ قال لقومه : اعبدوا الله.
وقوله : (إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ) : يحتمل في حق الاعتقاد ، أي : وحدوا الله.
وقوله : (وَاتَّقُوهُ) : الشرك.
ويحتمل قوله : (اعْبُدُوا اللهَ) في حق المعاملة ، أي : إليه اصرفوا العبادة ، (وَاتَّقُوهُ) أي : اتقوا عبادة من تعبدون من الأوثان ؛ يكون قوله : اتقوا في موضع النهي ، أي : اعبدوا الله ووحدوه ولا تعبدوا غيره ؛ يكون فيه نهي عن مخالفة ما تقدم من الأمر : افعلوا كذا ، واتقوا ما يضاده ويخالفه ، والله أعلم.
وقوله : (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ) أي : عبادة الله خير لكم.
وقوله : (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) يحتمل قوله : (إِنْ) إذا كنتم تعلمون : أن ذلك خير لكم ، وجائز ذكر (إن) مكان (إذ) في اللغة.
أو يكون صلة قوله : (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ).
وقوله : (إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً) أي : تخلقون كذبا في تسميتكم الأوثان آلهة معبودين ، أي : ليسوا بآلهة ولا معبودين.
أو يقال : (وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً) ، أي : كذبا في صرف عبادتكم إليها واستحقاق العبادة ، أي : لا يستحقون العبادة ، إنما المستحق للعبادة دون من تعبدون.
وقال بعضهم (٢) : أي : جعلتم كذبا من الآلهة لا حقّا ؛ وهو قريب مما ذكرنا.
ثم بيّن سفههم في صرف العبادة إلى الأصنام وعجزها عمن يعبدها حيث قال : (إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً) : يقول ـ والله أعلم ـ : إن في الشاهد لا يخدم أحد أحدا إلا لما يأمل من النفع له بالخدمة ، أو لسابقة إحسان كان منه إليه ، فالأصنام التي تعبدونها لا يملكون أن يرزقوكم ولا ينفعوكم ، ولا كان منها إليكم سابقة صنع ، فكيف تعبدونها؟!
__________________
(١) قاله الضحاك أخرجه ابن جرير عنه (٢٧٧١٤).
(٢) قاله ابن عباس بنحوه أخرجه ابن جرير (٢٧٧١٧).