ذكر.
والثاني : أنهم يعبدون الأصنام ويرتكبون فواحش ، ويقولون : (بَلْ وَجَدْنا آباءَنا كَذلِكَ يَفْعَلُونَ) [الشعراء : ٧٤] وإن الله أمرهم بذلك ، ليعلم أنهم كذبة في قولهم : إن آباءهم على ذلك ، حيث أخبر أنهم لم يسبقهم بها من أحد ، ولو كان آباؤهم على ذلك لذكروه وعارضوه ، فإذا لم يفعلوا ولم يشتغلوا بشيء من ذلك ، علم أنهم كذبة فيما يقولون ، والله أعلم.
وقوله : (أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ) : هو ما ذكرنا : (أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ) [الشعراء : ١٦٥].
وقوله : (وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ) : قال بعضهم (١) : أي : تعترضون الطريق لمن مر بكم لعملكم الخبيث ؛ لأنه ذكر أنهم إنما كانوا يعملون ذلك بالغرباء.
وقال بعضهم : (وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ) أي : تقطعون السبيل على الناس ؛ من قطع الطريق.
(وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ) أي : وتعملون في مجلسكم المنكر.
اختلف في هذا :
قال بعضهم (٢) : أي : تعملون في مجلسكم اللواطة أيضا.
وقال بعضهم (٣) : حذف بالحصى ورمي بالبندق وأمثاله.
لكنه يخبر عن سوء صنيعهم في كل حال وكل وقت ، يقول : إنكم تعملون بالفواحش والمناكير في كل حال : في الطريق ، وفي المجلس ، وفي المنزل ، ما سبقكم بذلك كله من أحد من العالمين ، والله أعلم.
ثم قال : (فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللهِ) ، وقال في موضع آخر : (إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ) [الأعراف : ٨٢] ، وقال في موضع آخر :
__________________
(١) قاله ابن زيد ، أخرجه ابن جرير (٢٧٧٤١) ، وابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور (٥ / ٢٧٦).
(٢) قاله مجاهد ، أخرجه ابن جرير (٢٧٧٥٠) و (٢٧٧٥٤) ، والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والخرائطي في مساوئ الأخلاق عنه ، كما في الدر المنثور (٥ / ٢٧٦).
(٣) ورد في معناه حديث عن أم هانئ ، قالت : سألت النبي صلىاللهعليهوسلم عن قوله : «وتأتون ..» الآية قال : كانوا يحذفون أهل الطريق ويسخرون منهم فهو المنكر الذي كانوا يأتون.
أخرجه ابن جرير (٢٧٧٤٣ ، ٢٧٧٤٥) ، والفريابي وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه ، وابن أبي الدنيا في كتاب الصمت وابن المنذر وابن أبي حاتم والشاشي في مسنده ، والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان ، وابن عساكر كما في الدر المنثور (٥ / ٢٧٦) ، وهو قول عكرمة والسدي.