وقوله : (وَبِنِعْمَةِ اللهِ يَكْفُرُونَ) أي : بما أوحى إليكم محمد من الله تكفرون.
أو أن يكون قوله : (أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ) أي : بالشرك يؤمنون (وَبِنِعْمَةِ اللهِ يَكْفُرُونَ) أي : بتوحيد الله يكفرون.
أو أن تكون النعمة ـ هاهنا ـ هي القرآن ، أو ما ذكرنا ، وهو محمد صلىاللهعليهوسلم.
وقوله : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) قد ذكرنا أن حرف الاستفهام من الله يخرج على وجهين : على الخبر مرة ، وعلى الإيجاب تارة والإلزام : [أي] : اعلموا أن ليس أحد من المفترين أظلم ممن افترى على الله.
وعلى الخبر : أي : قد علمتم أن ليس أحد من المفترين أظلم ممن افترى على الله ؛ إذ قد عرفتم بعقولكم قبح الافتراء والكذب فيما بينكم ، فلا كذب ولا افتراء أوحش أو أقبح من الافتراء على الله ، فكيف افتريتم عليه وهو أوحش وأقبح؟!.
وقوله : (أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِ) يحتمل : (كَذَّبَ بِالْحَقِ) برسول الله ، أو بالقرآن الذي عجزوا عن إتيان مثله ، أو بالتوحيد ، أو كذب بالحق الذي ظهر حقه وصدقه لما جاءه.
وقوله : (أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ) كأنه يقول : اعلم أن جهنم مثوى للكافرين ؛ يذكره على التصبّر على أذاهم ، والتسلي له بما كان يضيق صدره لمكان تركهم الإيمان والإياس منهم.
وقوله : (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) يشبه أن يكون هذا صلة قوله : (وَما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ) أي : ليس من أجهد نفسه في طلب الدنيا والعمل لها إلا لهوا ولعبا ، وأما من أجهد نفسه لله وطلب مرضاته فهو حق وله دار الحياة التي لا موت فيها ولا انقطاع.
ويشبه أن يكون على الابتداء لا على الصلة بالأول ؛ يقول : والذين جاهدوا أنفسهم في هواها وشهواتها وأمانيها حقيقة ابتغاء مرضات الله وطلب الهداية والدين وسبيله (لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) ذكر السبل ـ هاهنا ـ لما سبق ذكر الجماعة ، يقول : الذين جاهدوا فينا لنهدينهم كلا سبيلا فيكون سبلا للكل ، وأما قوله : (وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ) أن السبل على الإطلاق على غير تقدم ذكر من الهدى ، أو شيء من الإضافة إلى الله ـ هي سبل الشيطان ، والله أعلم.
وقوله : (وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) يحتمل قوله : (وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) في التوفيق لهم في الإحسان والأعمال الصالحة.
أو مع المحسنين في النصر لهم والمعونة لهم مع أعدائهم.
أو مع المحسنين يحفظهم ويتولاهم.