وقوله : (وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ).
اختلف فيه :
قال بعضهم (١) : هو على التقديم والتأخير ؛ كأنه : قال الذين أوتوا العلم في كتاب الله ، أي : أوتوا العلم بكتاب الله والإيمان به : لقد لبثتم إلى يوم البعث فهذا يوم البعث.
وقال بعضهم : قال الذين أوتوا العلم والإيمان : لقد لبثتم في علم الله في الدنيا إلى يوم البعث ، فهذا يوم البعث.
وبعضهم يقول : وقال الذين أوتوا العلم والإيمان : لقد لبثتم فيما كتب الله لكم من الآجال إلى انقضاء آجالكم وفنائها.
وقوله : (فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ) الذي كنتم تنكرونه وتكذبونه.
(وَلكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).
هذا يخرج على وجهين :
أحدهما : على حقيقة نفي العلم عنهم ، لكنهم لا يعذرون لجهلهم بذلك ؛ لما أعطوا أسباب العلم لو تفكروا وتأملوا لعلموا.
والثاني : على نفي الانتفاع بعلمهم ؛ على ما نفي عنهم حواس كانت لهم ؛ لما لم ينتفعوا بها ؛ فعلى ذلك جائز نفي العلم عنهم بذلك لما لم ينتفعوا بما علموا ، والله أعلم.
وقوله : (فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ).
ليس على أن يكون لهم عذر فلا ينفعهم ذلك ، ولكن لا عذر لهم البتة.
أو أن يكون معذرتهم ما ذكروا : (ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ) فذلك معذرتهم ؛ فلا ينفعهم ذلك ؛ لأنهم كذبة في ذلك.
وقوله : (وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ).
الاستعتاب : هو الاسترجاع عما كانوا فيه ، فهم لا يطلب منهم الرجوع عما كانوا عليه في ذلك الوقت ، والعتاب في الشاهد : أن يعاتب ؛ ليترك ما هو عليه ويرجع عما كان منه فيما مضى ، وذلك لا ينفع للكفرة في ذلك اليوم ، والله أعلم.
وقوله : (وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا).
أي : رأوا ذلك الزرع والنبات مصفرا ، أي : يابسا ؛ لما أصابه من الريح والبرد.
(لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ).
__________________
(١) نسبه ابن جرير لابن جريج بدون إسناد (١٠ / ١٩٩).