(وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً) : فمن جعل السبات : النوم ، جعل قوله : و (النَّهارَ نُشُوراً) أي : حياة يحيون فيه.
ومن يقول : السبات : راحة ، يجعل النهار نشورا : ينشر فيه للمعاش والكسب وابتغاء الرزق.
وقال بعضهم : يذكر نعمه ومننه على عباده ؛ لتأدي شكره.
وقال أبو معاذ : قال مقاتل : (مَدَّ الظِّلَ) يعني : الفيء من أول وقت صلاة الفجر إلى طلوع الشمس. وأخطأ ؛ لا يسمى ذلك الظل : فيئا.
وقال الكسائي : العرب تقول : الظل من حين تصبح إلى انتصاف النهار ، فإذا زالت الشمس عن كبد السماء فما خرج من ظل فذلك الفيء ويقال للفيء : الظل ، ولا يقال للظل : فيء قبل الزوال.
وقوله : (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً) : قال بعضهم (١) : (نَشْراً) أي : حياة.
وقال بعضهم : (نَشْراً) للسحاب : تنشره ، أي : تبسطه.
وعلى التأويل الأول ننشرها ، أي : نحييها.
وقوله : (بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) أي : بين يدي المطر ، سمي المطر : رحمة ؛ لما برحمته يكون ؛ وكذلك ما سمى الجنة : رحمة ؛ لأنها برحمة ما يدخل من دخل فيها.
وقوله : (بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) : هذا يدل أنه لا يفهم باليد : اليد المعروفة التي هي الجارحة ، حيث ذكر للمطر ذلك ولا يعرف ـ أعني : اليد ـ ليعلم أنه لا يفهم من قوله : بيد الله ، بين يدي الله ـ ذلك ، وبالله العصمة.
وقرأ بعضهم : بشرا بالباء ، وهو من البشارة ؛ كقوله : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ) [الروم : ٤٦] أي : تبشرهم بالرحمة والسعة ، والله أعلم.
وقوله : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً) أي : ما يطهر به الأنجاس والأقذار الظاهر منها والباطن ؛ وكذا الطهور أنه يطهر حيثما أصابه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنا أَنْعاماً وَأَناسِيَّ كَثِيراً) : قال بعضهم : الأناسي : جمع إنسي.
وقال بعضهم : هي جمع إنسان ، وأصله بالنون (أناسين) ، لكن أبدلت النون ياء.
وقال أبو عوسجة والقتبي : أناسيّ مشددة ، يعني : أناس ، وأناسي جماعة الإنسان على
__________________
(١) هي قراءة مسروق ، أخرجه الفريابي وعبد بن حميد ، كما في الدر المنثور (٥ / ١٣٤).