والشمس والقمر ، ونحوه مما جعل منافع السماء متصلة بمنافع الأرض ؛ حتى لا تقوم منافع الأرض إلا بمنافع السماء.
أو الملائكة ؛ لأنهم قد امتحنوا ببعض ما يقع بمنافع البشر ، والله أعلم.
وقوله : (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً).
ذكر عن ابن عباس أنه قال : سألت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقلت : يا رسول الله ، ما هذه النعمة الظاهرة والباطنة؟ قال : «أما ما ظهر ـ يا ابن عباس ـ فالإسلام ، وما سوى من خلقك ، وما أسبغ عليكم من الرزق ، وأما ما بطن : ستر مساوي عملك فلم يفضحك بها» (١) ، فإن ثبت الخبر فلا تقع الحاجة إلى غيره ؛ فهو تأويل الآية ، وإلى هذا ذهب عامة أهل التأويل (٢).
وجائز أن يكون النعمة الظاهرة هو ما ظهر من الحسن والطهارة.
وأما النعمة الباطنة : ما ستر من الأنجاس والعيوب والأقذار ما لو ظهر ذلك لم يدن منه أحد ، لخبثه ونجاسته.
وبعضهم (٣) يقولون : الظاهرة باللسان ، والباطنة بالقلب.
وقال مجاهد : الظاهرة : الإسلام والرزق ، والباطنة : ما ستر من الذنوب والعيوب ، وهو قريب مما ذكر في الخبر المرفوع والله أعلم.
وقوله : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ).
المجادلة في الله : يحتمل في توحيد الله ، أو في الرسالة أنه أرسل أو لم يرسل؟ أو في البعث : أيبعث أو لا يبعث؟ ونحوه ، أو يجادل في كتابه.
وقوله : (بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ).
أسباب العلم ثلاثة : العقل ، والسنة ، والكتاب :
يتفكر وينظر بالعقل ؛ فيعرف ، وبيان السنة والكتاب يبين ؛ فلم يكن مع الذين يجادلون رسول الله في الشيء من ذلك وخاصة أهل مكة : كانوا لا يؤمنون بالرسل والكتب ؛ فكأنه يقول : ومن الناس من يجادل في الله وهم يعلمون أنه ليس معه معقول ولا بيان من السنة والكتاب ، والله أعلم.
وقوله : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ).
__________________
(١) أخرجه ابن مردويه والبيهقي والديلمي وابن النجار ، كما في الدر المنثور (٥ / ٣٢٢).
(٢) منهم مقاتل والضحاك ، كما في الدر المنثور (٥ / ٣٢٢).
(٣) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير (٢٨١٤٢) ، والفريابي وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور (٥ / ٣٢٢) ، وهو قول مجاهد.