شيء ، وله الحول والقوة.
وقال أبو عوسجة : ماء أجاج : شديد الملوحة ، ويقال : أجّ الماء يؤجّ أجّا فهو أجاج ، ويقال : عاج ، أي : ماء روي به.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً) أي : من النطفة ؛ يخبر عن فضله ومنته وقدرته ولطفه.
أما لطفه وقدرته : فحيث خلق البشر من النطفة ، ولو اجتمع جميع حكماء البشر على أن يعرفوا أو يدركوا البشر من النطفة أو يدركوا كيفيته ـ لم يقدروا على ذلك ؛ دل أنه قادر بذاته لطيف لا يعجزه شيء.
وأمّا فضله ومنته : فما أخبر أنه جعل لهم نسبا وصهرا ؛ أمّا النسب فيه يتعارفون ويتواصلون ما لو لا ذلك ما تعارفوا ولا تواصلوا ، وأما الصهر فلما به يتزاوجون ويوادون ويتوالدون ؛ كقوله : (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً) [النحل : ٧٢] ، وقال : (وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) [الروم : ٢١] يذكر فضله ومنته ؛ ليتأدى به شكره ؛ ليعلم أن خلق مثل هذا لا يخرج عبثا باطلا بلا محنة ولا عاقبة ، وكأن النسب : ما لا يجري بينهم التناكح والتزاوج ، والصهر : ما يحل ويجري بينهم التناكح والتزاوج.
وفي حرف حفصة : وهو الذي خلق من الماء نسبا وصهرا. قال أبو معاذ : الصهر الفتى وآله ، والختن : أبو المرأة ، والختنة : أم المرأة ، والأختان : آل المرأة وأهلها ، والأصهار ، آل الفتى وأهله.
وقال أبو عوسجة : (وَصِهْراً) من المصاهرة ، وكلهم أصهار من الجانبين جميعا ، والمعروف عندنا : أنه إنما يسمى قرابة الزوج : أختانا ، وقرابة المرأة أصهارا ، وذلك لسان فهو على ما تعارفوه بينهم ، والله أعلم.
وقوله : (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ) أي : يعبدون من دون الله ما يعلمون أنه لا ينفعهم في الآخرة إن عبدوه ، ولا يضرهم في الدنيا إن تركوا عبادته ؛ يذكر سفههم بعبادتهم من يعلمون أنه لا ينفع ولا يضر ، وتركهم العبادة لمن ينفعهم إن عبدوه ويضرهم إن تركوا عبادته ؛ وهو كما ذكر : (هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ ...) الآية [الروم : ٣٨] ، وأمثال ما ذكر في غير آي من القرآن سفه أولئك بعبادتهم للأصنام ، وتركهم عبادة الله تعالى.
وقوله : (وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً) أي : تأويله ـ والله أعلم ـ : وكان الكافر للكافر ولوليه ظهيرا على من أطاع ربه ، يكون بعضهم ببعض عونا وظهيرا على أولياء الله ، وإلا لا يكون الكافر على الله ظهيرا ، ولكن على أوليائه ، ويكون ذكر الرب على إرادة وليه ومن