أطاعه ؛ كقوله : (إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ) [محمد : ٧] ؛ وكقوله : (يُخادِعُونَ اللهَ) [البقرة : ٩] ، ونحو ذلك مما يراد به : أولياؤه لا نفسه.
وقوله : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً) : مبشرا لمن أطاعه ، ونذيرا لمن عصاه.
والبشارة : هي الإعلام لما يلحق من السرور والفرح في العاقبة بالأعمال الصالحة.
والنذارة : هي الإعلام لما يلحق من المكروه والمحذور في العاقبة بالأعمال السيئة القبيحة.
وقوله : (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ) أي : ما أسألكم على الدين الذي أدعوكم إليه من أجر ؛ كقوله : (أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ) [القلم : ٤٦] ، أي : لا أسألكم أجرا على ذلك حتى يمنعكم ثقل الغرم عن إجابتي ؛ فعلى ذلك قوله : (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) كان فيه إضمار ، أي : لا أسألكم عليه أجرا إلا من شاء ، ولكن إنما أسألكم أن تتخذوا إلى ربه سبيلا.
أو أن يقول : قوله : (إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) أي : ولكن من أراد أن يتخذ إلى ربه سبيلا أطاعني وأجابني.
ويحتمل قوله : (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ) على تبليغ الرسالة إليكم ، وما أدعوكم إليه (مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) فيبرني.
أو أن يكون قوله : (إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) فيوادني ؛ كقوله : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى).
وقوله : (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ) أي : توكل على الله ، والتوكل : هو الاعتماد عليه بكل أمر.
وقوله : (وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ) أي : نزه ربك وبرئه عن الآفات كلها والعيوب ، بثناء تثني عليه وهو التسبيح بحمده.
وقال أهل التأويل : أي صل بأمر ربك ، لكن التأويل ما ذكرنا.
وقوله : (وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً) أي : كفى به علما بذنوب عباده ، أي : لا أحد أعلم بها منه.
وقوله : (الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما) : قد ذكرنا هذا.
وقوله : (فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً) : قال قائلون : قوله : (فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً) لما يسأل عنه محمد ، وذلك أن بعض كفار مكة قالوا : يا محمد ، إن كنت تعلم الشعر فنحن لك ، فقال النبي : «أفشعر هذا؟! إن هذا كلام الرحمن» ، فقالوا : أجل لعمر الله إنه لكلام الرحمن