للوفاق لهم ، والله أعلم.
وقوله : (أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ).
قال عامة أهل التأويل (١) : أي : بخلاء على الإنفاق عليكم ، أي : لا ينفقون عليكم ولا على سبيل الخير ، والله أعلم.
وقال بعضهم : الشح ـ أيضا ـ : هو الحرص ، يقول : (أَشِحَّةً) ، أي : حراصا على قسمة الغنيمة ، يخبر عن معرضهم في الدنيا وركونهم إليها وميلهم فيها ، ثم أخبر عن جبنهم وفشلهم وشدة خوفهم ، وهو ما قال : (فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ) [الأحزاب : ١٩].
يخبر أنهم لجبنهم وفشلهم يصيرون كالمغشي عليه من الموت.
(فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ).
يخبر عن شدة حرصهم في قسمة الغنيمة ورغبتهم فيها ـ أنهم أشح قوم وأسوؤهم مقاسمة ، يقولون : أعطونا ، أعطونا ؛ إنا قد شهدنا معكم ؛ كقوله : (أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ) [النساء : ١٤١] ونحوه.
وقوله : (أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ).
قال بعضهم : هذا قولهم ، أي : إنا أشح منكم على رسول الله وعلى دينه ، وأضن منكم على الخير ، أي : نحن أحرص عليه منكم.
وقال بعضهم (٢) : (أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ) ، أي : حراصا على الغنيمة والنيل منها.
ثم أخبر عنهم ، وعن خلافهم له ؛ حيث قال : (أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمالَهُمْ).
التي عملوها في الظاهر ، (وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً) :
أي : صنعهم الذي صنعوا على الله ، (يَسِيراً) ، أي : لا يضره.
وقال بعضهم : حبط أعمالهم ، وتعذيبه إياهم مع كثرة أتباعهم وأعوانهم على الله يسير ، أي : لا يشتد عليه ولا يصعب ، والله أعلم.
وقوله : (يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا).
أي : يحسب هؤلاء المنافقين أن الأحزاب لم يذهبوا ؛ من الفرق والجبن والفشل الذي فيهم يوم الخندق.
(وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ) ، أي : يقبل الأحزاب ، (يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ) ،
__________________
(١) قاله مجاهد أخرجه ابن جرير (٢٨٤٠٠) ، والفريابي وابن أبي شيبة ، وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور (٥ / ٣٦١).
(٢) قاله قتادة ، أخرجه ابن جرير (٢٨٣٩٩) ، وهو قول السدي.