ثم يحتمل ذلك وجهين :
أحدهما : التكوين : يكونه ؛ فيكون مكونا ؛ كقوله : (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [النحل : ٤٠].
والثاني : على الإيجاب واللزوم ، أي : ما يكون بأمر الله يكون واجبا لازما ؛ إذا أراد به الإيجاب والإلزام ، والله أعلم.
وقوله : (ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ).
هذا يحتمل وجهين :
أحدهما : (فَرَضَ اللهُ) ، أي : بين الله ؛ كقوله : (سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها) [النور : ١] ، أي : بيناها.
ويحتمل (فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ) ، أي : أوجب الله عليه ، ويقال : فرض عليه ، أي : حرم ، وفرض له ، أي : أحل له ، وكذلك قوله : (قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ) [التحريم : ٢] يحتمل هذا وجهين :
أي : بين لكم تحلة أيمانكم.
والثاني : أوجب عليكم تحلة أيمانك ، والله أعلم.
وقوله : (سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ).
قال بعضهم : هكذا كان سنة الله فيمن كان قبله من الرسل ـ مثل داود وسليمان وهؤلاء ـ كثرة النساء ، ليس ذلك ببديع في رسول الله محمد. وفي كثرة نساء الرسل لهم آية عظيمة ؛ لأنهم آثروا الفقر والضيق على السعة والغناء ، وكفوا أنفسهم عن جميع لذاتها ، وحملوا على أنفسهم الشدائد في العبادات والأمور العظام الثقيلة ، وهذه الأشياء كلها أسباب قطع قضاء الشهوات في النساء والحاجة فيهن ؛ فإذا لم تقطع تلك الأسباب عنهم ؛ دل أنهم بالله قووا عليها.
وقال بعضهم : سنة الله في الذين قبل محمد ، يعني : داود النبي حين هوى المرأة التي فتن بها ، فجمع الله ـ تبارك وتعالى ـ بين داود وتلك المرأة ؛ فكذلك يجمع بين محمد وبين امرأة زيد ؛ إذ هويها كما فعل بداود ، لكن هذا بعيد.
وقيل : (سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ) : أنه لا يحرج على أحد فيما لم يحرم.
وجائز أن يكون (سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ) ـ في حل نكاح أزواج الأدعياء ، كان يحل لهم ذلك ؛ فعلى ذلك لرسول الله ، والله أعلم.
وقوله (وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً).