أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً) ابتداء نهي.
وجائز أن يكون : (وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ) في نكاح أزواجه ؛ فيكون أذاهم رسول الله في نكاح أزواجه من بعده ، ولو كان لا يحل أزواجه للناس ؛ لما يذكر بعض أهل التأويل : لأنهن أمهات ـ لم يحتج إلى النهي عن نكاحهن بعده ؛ إذ لا أحد يقصد قصد نكاح الأم ، ولكن كان يحل لهم ذلك ، وكان المعنى في ذلك ما ذكرنا من التعظيم له والاحترام ؛ حتى نهاهم عن نكاح أزواجه من بعده ، وجعله في حرمة أزواجه على غيره بعد وفاته ؛ كأنه حي ، وكذلك جعل في حق ماله وملكه في منع الميراث لوارثه ؛ كأنه حيّ لم يرث ماله وارثه ، بل جعل باقيا أبدا على ملكه ، وكذلك أزواجه ، وكذلك جعل في حق الرسالة والنبوة ؛ كأنه حيّ ، لم تنسخ شريعته بعد وفاته بشريعة أخرى ، كما نسخت شريعة الأنبياء الذين كانوا قبله إذا ماتوا بشريعة أخرى ؛ بل جعله كأنه حيّ في إبقاء شريعته إلى يوم القيامة ؛ فعلى ذلك جعل في أزواجه كأنه حيّ في حرمة أزواجه في الآخرة ؛ وعلى ذلك يخرج تأويل قوله ـ عندنا ـ : (خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) [الأحزاب : ٥٠] ، أي : هي لك خالصة لا تحل لأحد بعدك ؛ فتكون زوجته في الجنة ، والله أعلم.
وقوله : (إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيماً).
يحتمل [كان] أذى رسول الله ونكاح أزواجه عند الله عظيما ، أو عظيما في العقوبة عند الله.
وقوله : (إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ) ، أي : تبدوا شيئا للعباد ، أو تخفوه عنهم.
(فَإِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً).
أي : ما أبديتم وما أخفيتم ؛ (عَلِيماً) لا يخفى عليه شيء ؛ يذكر هذا ؛ ليكونوا أبدا على حذر وخوف ، والله أعلم.
وقوله : (لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَ).
أي : لا حرج ولا مأثم على النساء في دخول من ذكر عليهن بلا إذن ولا حجاب من (آبائِهِنَّ وَلا أَبْنائِهِنَّ وَلا إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ أَخَواتِهِنَّ وَلا نِسائِهِنَ).
ذكر هؤلاء ، ولم يذكر الأعمام ولا الأخوال ؛ فقال بعضهم : إنما لم يذكر هؤلاء ، ولم يبح لهم في ذلك ؛ لأنهن يحللن بالنكاح لأولاد الأعمام والأخوال ، فإذا دخلوا عليهن ، فرأوهن متجردات متزينات ؛ فيصفوهن لأولادهم ، وقد يصف الرجل لولده حسن المرأة وقبحها ؛ فينزل وصفهم إياهن لأولادهم منزلة رؤيتهم بأنفسهم ؛ فيزيد لهم رغبة فيهن أو