نهارهم.
وقوله : (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ) يحتمل أن يكون هذا إخبارا من الله تعالى عما في ضميرهم ، ليس على حقيقة القول والدعاء ؛ لأن من بلغ في العبادة والورع المبلغ الذي وصفهم لا يشغلون أنفسهم بالسؤال عن دفع المضار أو جر النفع.
ويحتمل : على الدعاء والقول على ما أخبر ، والله أعلم.
ثم أخبر عن عذابها فقال : (إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً).
قال الحسن : الغرام : اللازم الذي لا يفارق صاحبه ، وكل غريم يفارق غريمه غير عذاب جهنم.
وقال بعضهم : الغرام : الهلاك وقال : (إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً) أي : جهنم بئس المستقر وبئس المقام لأهلها ، هو مقابل ما ذكر لأهل الطاعة الجنة حيث قال : (حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً).
وقال بعضهم : غراما : غرموا في الآخرة ما نعموا في الدنيا.
وفى حرف ابن مسعود : كان غراما إنما أنبئنا إنها ساءت مستقرا ومقاما.
وقال أبو عوسجة : (هَوْناً) من الرفق يقال : هان يهون هونا ، فهو هائن.
وقولهم : (وإذا عز أخوك فهن) أي : إذا اشتد ، فارفق به.
والغرام : الهلاك.
وكذلك قال القتبي (١) : غراما ، أي : هلكة.
وقال : مشيا هونا : رويدا ، سلاما ، أي : سدادا من القول لا رفث فيه ولا هجر.
وقوله : (إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا).
قال بعضهم : لم يسرفوا في غير حق ، كسبوا طيبا وأنفقوا قصدا وأعطوا فضلا وجادوا ، واستبشروا (وَلَمْ يَقْتُرُوا) أي : ولم يتمسكوا عن الحق.
وقوله : (وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) أي : بين الإسراف والتقتير مقصدا ؛ وهو تأويل مقاتل.
وقال بعضهم : الإسراف هو الإنفاق في معصية الله ، (وَلَمْ يَقْتُرُوا) أي : لم يمنعوا عن طاعته ، (وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) أي : عدلا ، لا يمسك عن حق ولا ينفق في باطل ، ولكن نفقة في طاعة الله.
وقال بعضهم : الإسراف في النفقة : هو الإنفاق فيما لا ينتفع به ؛ من نحو : البحيرة
__________________
(١) ينظر : تفسير غريب القرآن (٣١٥).