(وَما لَهُمْ فِيهِما).
يعني : في خلق السموات والأرض ، وحفظهما ، من تعبدون من دونه.
(مِنْ شِرْكٍ وَما لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ).
أي : من عون في ذلك ؛ فكيف سميتموها : آلهة وشركاء في العبادة.
وقوله : (وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ).
يقول ـ والله أعلم ـ : لا يملك أحد الشفاعة إلا لمن أذن الله بالشفاعة له ، فهو لم يأذن بالشفاعة لأحد من الكفرة ؛ فذكر هذا ـ والله أعلم ـ :
لقولهم : (هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ) [يونس : ١٨] ، ولقولهم : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) [الزمر : ٣].
أو يذكر أن من ترجون منهم الشفاعة بالمحل الذي ذكرهم من الخوف والفزع ؛ فكيف ترجون شفاعتهم؟! كقوله : (حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ) [سبأ : ٢٣].
أو لا يملكون مثقال ذرة ولا أصغر منه ولا أكبر ؛ فكيف يملكون الشفاعة لكم؟! أو نحوه من الكلام ، والله أعلم.
وقوله : (حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا ما ذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا الْحَقَ).
ليس لهذا الحرف في ذا الموضع صلة يوصل بها ، ولا تقدم بعطف عليه ، وعلى الابتداء : لا يستقيم ؛ فبعض أهل التأويل يقول : كان بين عيسى ومحمد فترة زمان طويل لا يجري فيها الرسل ، فلما بعث الله محمدا ، وكلم جبريل بالرسالة إلى محمد ، سمع الملائكة ذلك ؛ فظنوا أنها الساعة قامت ؛ فصعقوا مما سمعوا ، فلما انحدر جبريل جعل كلما يمرّ بهم جلّى عنهم وكشف ؛ فقال بعضهم لبعض : (ما ذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا الْحَقَ) ، أي : الوحي.
وقال بعضهم (١) : كان الوحي إذا نزل من السماء نزل كأنه سلسلة على صخرة ، قال :
__________________
(١) ورد في معناه حديث :
أخرجه البخاري (١٤ / ٤١٩) كتاب التوحيد : باب قوله تعالى (وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ) الآية (٧٤٨١) ، والترمذي (٥ / ٢٧٦) في التفسير : باب «ومن سورة سبأ» (٣٢٢٣) ، وأبو داود (٢ / ٤٣٠) كتاب الحروف والقراءات (٣٩٨٩) ، وابن ماجه (١ / ١٩٣) في المقدمة : باب فيما أنكرت الجهمية (١٩٤) ، وابن جرير (٢٨٨٤٧) ، وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه ، والبيهقي في الأسماء والصفات ، كما في الدر المنثور (٥ / ٤٤٢) عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إذا قضى الله في السماء أمرا ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله كأنها سلسلة على صفوان ...» الحديث.
وفي الباب عن النواس بن سمعان وابن عباس وغيرهما ، وهو قول ابن مسعود وابن عباس وقتادة.