منك ؛ لأنا أكثر أموالا وأولادا ، والله أعلم.
وقوله : (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ).
هذا أيضا ينقض على المعتزلة ومن يقول بأن الله لا يبسط على أحد الرزق ؛ إذا لم يكن في البسط إصلاح له وخير ، وكذلك لا يقتر على أحد ذلك إذا لم يكن في التقتير خير له.
وعندنا : يبسط الرزق لمن يشاء وإن لم يكن خيرا له ، وكذلك يقتر على من يشاء ، وإن كان شرّا له ؛ على ما نطق ظاهر الآية ، ليس عليه حفظ الأصلح لهم ولا الخير ، والله أعلم.
وقوله : (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ).
أي : لا ينتفعون بعلمهم ، أو لا يعلمون حقيقة ؛ لما تركوا النظر والتفكر ، في أسباب العلم ليعلموا ؛ فلا يعذرون لما مكن لهم العلم به.
وقولهم : (نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) قالوا ذلك ؛ لما لم يروا في الحكمة أن يحسن أحد إلى عدوه ، والسعة هي من الفضل والإحسان ، ثم رأوا لأنفسهم ذلك ، ظنوا أنهم أولياء الله ، وأن الرسل حيث ضيقت عليهم الدنيا إنما ضيقت عليهم الدنيا ؛ لأنهم ليسوا بأولياء الله ؛ لذلك قالوا : (نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ).
وهذا القول منهم لإنكارهم البعث : فإن كانوا مقرين به ، لكانوا لا يقولون ذلك ، ويعلمون أن السعة في الدنيا والضيق فيها بحق الامتحان ، وأما إذا كان بعث ودار أخرى للجزاء ـ ففي الحكمة أن يجزى الولي جزاء الولاية ، والمسيء من العدو جزاء الإساءة والعداوة. وأما الدار التي هي دار امتحان وابتلاء فيجوز ذلك بحق الامتحان في الحكمة ؛ وكذلك خرج على الجواب لهم ؛ حيث قال : (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) ، أي : يبسط الرزق لا لفضل وقدر له ونعمة عنده ، ويقتر على من يشاء لا لعداوة وجناية كانت منه إليه بحق الامتحان ؛ ألا ترى أنه قد وسع على بعض المؤمنين ، وضيق على بعض أولئك ؛ فظهر أن التوسيع لأهل السعة ليس لفضل لهم وقدر ، أو نعمة كانت لهم عنده حتى يكون ذلك منه مكافأة لذلك ، وكذلك التضييق لأهل التضييق : لم يكن لخيانة أو إساءة كانت منهم إليه لما ذكر ؛ ولكن لما ذكرنا ؛ ألا ترى أنهم إذا رأوا أنه وسع على بعض وقتر على بعض ـ هلا علموا أنه يملك أن يوسع على من قتر عليه ، ويقتر على من وسع عليه ، فيكون في ذلك لهم ترغيب في التوحيد واختيار له ، وتحذير عن الكفر وعمّا هم فيه ؛ إذ يملك التقتير على من وسع عليه والتوسيع على من قتر عليه ؛ فيبطل هذا كله