وقال بعضهم (١) في قوله : (وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) : هو قولهم : هو ساحر هو شاعر كاهن.
والتناوش عند عامة أهل التأويل : التناول (٢).
وقال بعضهم (٣) : الرجعة والردّ إلى الدنيا.
قال أبو عوسجة : التناوش : التناول من موضع بعيد لا يكون من قريب.
والقتبي (٤) يقول : (وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ) ، أي : تناول ما أرادوا بلوغه وإدراك ما طلبوا من التوبة من الموضع الذي لا يقبل فيه التوبة.
قال أبو معاذ والزجاج : الناش في كلام العرب : الطلب ، تقول : ناشت إليه ، أي : طلبت منه ، لكن هذا ليس من باب التناوش.
وقوله : (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ).
هو ما ذكرنا من اختلافهم : منهم من قال : بين الإيمان والتوبة ، ومنهم من قال : بين شهواتهم التي كانت لهم في الدنيا ، لكن كأنه على الإيمان والتوبة ، فإنما حيل بينهم وبين القبول للإيمان والتوبة ، وإلا نفس الفعل قد أتوا به ، وإن كان على الشهوات فهو على حقيقة حيلولة الفعل ، وكذلك إن كان على تخريب البيت على ما يقوله بعض أهل التأويل ، والله أعلم.
وقوله : (كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ).
قال أبو عوسجة : (بِأَشْياعِهِمْ) : أمثالهم وأشباههم ، فهو ـ والله أعلم ـ بأشباههم وأمثالهم في التكذيب والجحود.
وقال بعضهم : هو من شيعة الرجل.
وقوله : (إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ) ، من العذاب بأنه غير نازل بهم.
وقال [بعضهم] : إنهم كانوا في شك من البعث والإحياء بعد الممات وشكهم وريبهم ؛ لما استبعدوا الإحياء بعد الهلاك وبعد ما صاروا رمادا ، فمن هذه الحجة أنكروا ، ثم لم يروا خلق الشيء للفناء خاصة ، لا لعاقبة وحكمة ، فارتابوا في ذلك ، والله أعلم بالصواب.
__________________
(١) قاله مجاهد أخرجه ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير (٢٨٩١٠) وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه كما في الدر المنثور (٥ / ٤٥٤).
(٢) انظر : تفسير ابن جرير (١٠ / ٣٨٨) ، والبغوي (٣ / ٥٦٣).
(٣) تقدم أنه قول ابن عباس ومجاهد.
(٤) انظر : تفسير غريب القرآن ص (٣٥٨ ـ ٣٥٩).