قال بعضهم (١) : من كان يريد القوة والمنعة بعبادة الأصنام ومن عبدوا دونه ، فلله العزة جميعا ، أي : فبعبادة الله وطاعته ذلك في الدنيا والآخرة ، أي : فمن عنده اطلبوا ذلك عند الله من كان يريد ثواب الدنيا والآخرة ، أي : من عنده اطلبوا ذلك في الدنيا والآخرة.
وقال بعضهم : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ) أي : العزة والتعزيز (فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً) ، أي : فبالله يكون عز الدنيا والآخرة [لا] بالأصنام التي عبدتموها ، وقد كان بعبادتهم الأصنام طلب الأمرين : طلب العز ؛ كقوله : (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا) [مريم : ٨١] ، وطلب القوة والمنعة ؛ كقوله : (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ) [يس : ٧٤] ، فأخبر أن ذلك إنما يكون بالله وبطاعته ، فمن عنده اطلبوا لا من عند من تعبدون دونه ، والله أعلم.
وقوله : (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ).
اختلف فيه :
قال قائلون : (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) هو الوعد الحسن ، (وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) هو إنجاز ما وعد ، أي : إذا أنجز ما وعد من الوعد الحسن ، ووفى ذلك الإنجاز الوعد الحسن وعد.
قال بعضهم : (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) هو كلمة التوحيد وشهادة الإخلاص ، (وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) أي : إخلاص التوحيد لله يرفع الكلم الطيب الذي تكلم به ؛ فعلى هذا التأويل أي : يصعد الكلم الطيب إليه ما لم يخلص ذلك [إلا] لله.
وقال قائلون : (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) هي كلمة التوحيد على ما ذكرنا ، (وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) أي : يرفع الله العمل الصالح لصاحبه ـ يعني : لصاحب الكلام الطيب ـ فعلى هذا التأويل : يصعد الكلم الطيب إليه دون العمل الصالح.
وبعض أهل التأويل [قال :] يرفع الكلام : التوحيد ، الطيب : العمل الصالح ـ إلى الله ، وبه يتقبل الأعمال الصالحة.
وظاهر الآية أن يكون العمل الصالح هو الذي يرفع الكلم الطيب ، لكن الوجه فيه ـ والله أعلم ـ ما ذكرنا من الوجوه.
وبعضهم يقول (٢) : إن العمل الصالح يرفع الكلام الطيب ، والوجه فيه ما ذكرنا.
__________________
(١) قاله مجاهد أخرجه ابن جرير (٢٨٩٣٥) والفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه كما في الدر المنثور (٥ / ٤٦١).
(٢) قاله مجاهد أخرجه ابن جرير (٢٨٩٤١) وآدم بن أبي إياس والبغوي والفريابي وعبد بن حميد والبيهقي في الأسماء والصفات عنه كما في الدر المنثور (٥ / ٤٦٢) وهو قول سعيد بن جبير والحسن والضحاك وشهر بن حوشب.