من الخلق ، والله أعلم.
وقوله : (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ).
يخبر عن غناه وقدرته ، لو شاء أذهبكم لتعلمون أنه لم ينشئكم ، ولا أمركم ، ولا نهاكم ؛ لحاجة نفسه ولا لمنفعة له ، ولكن لحاجة أنفسكم.
وقوله : (وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ).
يحتمل هذا وجهين :
أحدهما : لا يعز ولا يثقل عليه ذهابكم وفناؤكم ؛ لأنه لم ينشئكم لحاجة نفسه فذهابكم وفناؤكم وبقاؤكم عليه واحد.
والثاني : لا يصعب عليه ولا يعز إذهابكم وإحداثكم ، ولا يعجزه شيء ، يخبر عن قدرته ، والله أعلم.
وقوله : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ).
كأن هذا صلة قوله : (اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ ...) الآية [العنكبوت : ١٢] ، يؤيسهم ليقطعوا أطماعهم يومئذ عن تناصر بعضهم بعضا ، وتحمل بعضهم مؤن بعض وشفاعة بعضهم بعضا ، على ما كانوا يفعلون في الدنيا كان ينصر بعضهم بعضا في الدنيا إذا أصابهم شيء ؛ ويفدي بعضهم عن بعض ، ويشفع بعضهم بعضا ، كانوا يحتالون مثل هذا الحيل في الدنيا ؛ ليدفعوا عن المتصلين بهم الضرر ، فأخبر أن ليس لهم ذلك في الآخرة ؛ كقوله : (وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) [البقرة : ١٢٣] ، وقوله : (وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً) [لقمان : ٣٣] [و] مثله كثير ، يؤيسهم عن أن يكون لهم في الآخرة ذلك ، والله أعلم.
وقوله : (إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ).
هذا يخرج على وجهين :
أحدهما : إنما ينتفع بالإنذار الذين يخشون ربهم بالغيب ، فأما [من] لا يخشى ربه فإنه لا ينتفع به ، وإلا كان منذر من اتبع الذكرى ومن لم يتبع ، ومن خشي ربه ومن لم يخش.
والثاني : كأنه يقول : إنك تنذر غير الذي اتبع الذكر وغير الذي خشي ، فإنما يتبع إنذارك ويقبله الذي خشي ربه واتبع ذكره ، والله أعلم.
وقوله : (وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ) ، أي : من عمل خيرا ، فإنما يعمل لنفسه.
أو من جاء بالتوحيد والأعمال الصالحة فإنما يصلح أمره وعمله يثاب عليه.
(وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ).