أي : خططت ، [و] يقال : ثوب جديد وثياب جدد ، (وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ) أي : طرائق مختلفة ألوانها بعضها بيض وبعضها غرابيب وهي سود.
يذكر قدرته وتذكيره أن الجبال مع غلظها وشدتها وارتفاعها جعلها بحيث يتطرق منها في صعودها وهبوطها ، فمن قدر على هذا لا يعجزه ولا يخفى عليه شيء.
أو يذكر نعمه عليهم حيث سخرها لهم ؛ ليقضوا فيها حوائجهم فيما بعد عنهم وصعب عليهم ، والله أعلم.
وقوله : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ).
هذا يحتمل وجوها :
أحدها : أن الذي يحقّ على العالم بالله أن يكون هو يخشاه ؛ لما يعلم من سلطانه وهيبته وقدرته وجلاله.
والثاني : أن العالم بالبعث والمؤمن به هو يخشى مخالفة الله في أوامره ونواهيه ؛ لما يعلم من نقمته وعذابه من خالفه وعصى أمره ، فأمّا من [لم] يعلم بالبعث ولم يؤمن به فلا يخافه ؛ كقوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها) [الشورى : ١٨] ، وقوله : (إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ) [المؤمنون : ٥٧] ونحوه.
أو أن يكون قوله : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) عباده من جملة المؤمنين ؛ يقول ـ والله أعلم ـ : إنما يخشى الله من عباده المؤمنون به ، المصدقون عذابه ونقمته ، فأمّا من لم يؤمن به فلا يخافه كما ذكرنا في قوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) [إبراهيم : ٥] إن في ذلك لآيات لكل مؤمن ، ويكون الصبار والشكور كناية عن المؤمن ؛ فعلى ذلك هذا محتمل.
وقال أهل التأويل : على التقديم والتأخير ، أي : أشد الناس لله خشية أعلمهم بالله ، والخشية :
قال الحسن : هي الخوف الدائم اللازم في القلب غير مفارق له ، والله أعلم.
وقوله : (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ).
قال بعضهم : العزيز : المنتقم من أعدائه ، والغفور لذنوب المؤمنين.
وقال بعضهم : عزيز في ملكه ومن دونه ذليل ، غفور ، أي : ستور على ذنوب المؤمنين.
وقوله : (الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللهِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ).
يحتمل ما ذكر من تلاوة الكتاب هاهنا ، ما ذكر في آية أخرى قال : (يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ) [البقرة : ١٢١] وأقاموا فيها من الأمر بالصلاة والأمر بالزكاة.