قال : (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ ...) الآية [التوبة : ١٠٦] ، والله أعلم بذلك.
وقوله : (بِإِذْنِ اللهِ).
يحتمل : بعلم الله ، ويحتمل : بمشيئة الله ، وقيل : بأمره.
وقوله : (ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ).
يقول ـ والله أعلم ـ : هذا الذي أورثناهم من الكتاب هو الفضل الكبير ؛ كقوله : (وَكانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً) [النساء : ١١٣].
أو يقول : إدخالهم الجنة فضل منه كبير.
وروي عن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال : «(فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ) قال : ألا إن سابقنا سابق ، وإن مقتصدنا ناج ، وإن ظالمنا مغفور له» (١).
وقال عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ : «ألا إن سابقنا أهل الجهاد منا ، وإن مقتصدنا أهل حضرنا ، وإن ظالمنا أهل بدونا» (٢).
وابن عباس ـ رضي الله عنه ـ يقول : «الظالم لنفسه كافر» (٣).
وعن الحسن قال : «الظالم لنفسه المنافق وهو هالك ، وأما السابق والمقتصد فقد نجيا» (٤).
وقوله : (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ).
ذكر التحلي فيها بالذهب واللؤلؤ ولبس الحرير ، وليس للرجال رغبة في هذه الدنيا في التحلي بذلك ولا لبس الحرير ، اللهم إلا [أن] يكون للعرب رغبة فيما ذكر ، فخرج الوعد لهم بذلك والترغيب في ذلك ، وهو ما ذكر من الخيام فيها والقباب والغرفات ، وذلك أشياء تستعمل في حال الضرورة في الأسفار ، وعند عدم غيره من المنازل والغرف عند ضيق المكان ، فأما في حال الاختيار ووجود غيره فلا ، لكنه خرج ذلك لهم ؛ لما لهم في ذلك من فضل رغبة ؛ ألا ترى أنهم قالوا : (فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ) [الزخرف : ٥٣] ، ذكروا ذلك لما لذلك عندهم فضل قدر ومنزلة ورغبة في ذلك.
أو يذكر هذا لهم في الجنة ـ أعني : الذهب والفضة والحرير وما ذكر ـ ليس على أن
__________________
(١) أخرجه العقيلي وابن لال وابن مردويه والبيهقي كما في الدر المنثور (٥ / ٤٧٣).
(٢) أخرجه سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه كما في الدر المنثور (٥ / ٤٧٣).
(٣) أخرجه الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث كما في الدر المنثور (٥ / ٤٧٣).
(٤) أخرجه ابن جرير (٢٩٠٠٦ ـ ٢٩٠٠٧).