على أنه هو المراد بقوله : (يس) ؛ إذ لا يستقيم الخطاب بقوله : (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) إلا على سبق خطاب له وذكر اسمه.
وقال عكرمة : هو حرف من الهجاء الذي افتتح به السور كسائر حروف الهجاء.
وقال بعضهم : هو من حروف الهجاء التي أقسم الله بها ، بما يتلو تلك الحروف من القرآن والآيات والكتاب ؛ إذ من عادة العرب القسم بكل ما عظم خطره وجل قدره.
فإن قيل : كيف أقسم بالقرآن وهم كانوا ينكرون القرآن أنه من عند الله؟!
قيل : إنهم وإن كانوا ينكرونه ، فقد عظم قدره وجل خطره عندهم بما عجزوا عن إتيان مثله بعد قرع أسماعهم بقوله : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ ...) الآية [الإسراء : ٨٨] ونحوه.
والثاني : أقسم به وإن كانوا ينكرونه ؛ لما أن قسمه به يحملهم على السؤال عنه ؛ إذ كانوا لا يقسمون إلا بما عظم قدره وجل خطره ، يقولون : ما هذا القرآن الذي أقسم ربنا به ؛ ألا ترى أنه قال : (تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ) ، فكأنه على سؤال خرج على هذا أنه (تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ) ، وأن يكون القسم به وبغيره من الأشياء التي عظم خطرها عندهم ، على إضمار القسم برب هذه الأشياء وبإلهها ؛ هذا على قول من يقول بأن القسم بالله حقيقة لا بتلك الأشياء ـ مستقيم ، وعلى قول من يجعل القسم بها لا على الإضمار هو ما ذكرنا.
وقوله : (الْحَكِيمِ).
أي : المحكم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه على ما وصف.
وقال بعضهم : المحكم بالحلال والحرام ، والوعد والوعيد ، من غير أن يكون فيه اختلاف.
وقال بعضهم : الحكيم ؛ لأن من تمسك به وعمل بما فيه يصير حكيما.
وقوله : (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ).
ولم يقل : إنك لرسول الله ، وكلاهما سواء ، غير أن قوله : (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) الذين آمنوا بهم من قبل وصدقوا بهم [ففيه] زيادة ، ليس ذلك في قوله : (إنك لرسول) ، والله أعلم.
وقوله : (عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ).
قال بعضهم : المستقيم : القائم بالحجج والبراهين ، ليس بالهوى كسائر الأديان والسبل.
وقال بعضهم : المستقيم : المستوي ، أي : مستو ؛ على أن من يسلكه أفضاه ـ أي :