الصور والأبدان.
وقوله : (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ).
أي : نصيره ضعيفا بعد أن كان قويّا.
وقوله : (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ).
نزل هذا ـ والله أعلم ـ عند قولهم : إنه شاعر ، وإنه كذاب ؛ فأخبر أنه لم يعلمه الشعر ، وما ينبغي له الشعر ، تكذيبا لهم ، وردّا عليهم : أنه شاعر ، وأن هذا القرآن شعر ، جعل الله عجز رسوله عن القيام بإنشاد الشعر بعض آياته من آيات رسالته ، كما جعل عجزه عن تلاوة الكتاب من قبل وكتابته وخطه بيمينه آية من آيات رسالته ؛ ليعلم أولئك الذين قذفوه بالشعر والافتراء من نفسه والكذب على الله وبالسحر أنه إنما أخبر عن وحي عن الله ، لا ما يقولون هم ، وهم على يقين ، وعلم : أنه ليس شاعرا ولا ساحرا ولا كذابا ؛ لما لم يروه اختلف إلى أحد منهم في تعلم ذلك ، ولا كان عنده من كتبهم منها أخذ ذلك [ولا أخذ عليه] كذب قط ، لكنهم نسبوه إلى ما نسبوه من الشعر والسحر والكذب ؛ تعنتا منهم وعنادا ، يلبسون أمره بذلك على أتباعهم وسفلتهم ؛ لئلا تذهب رياستهم ومنفعتهم.
وفي قوله : (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ) دلالة نقض قول المعتزلة ؛ حيث أخبر أنه لم يعلمه الشعر ، وقد أعطى له جميع أسباب الشعر ، وقال في القرآن : (عَلَّمَ الْقُرْآنَ) [الرحمن : ٢] و (عَلَّمَهُ الْبَيانَ) [الرحمن : ٤] أنه كان من الله لطف سوى السبب فيما أخبر أنه قد علمه ؛ دل أن التعليم له فيما كان منه تعليم له بلطف منه سوى السبب لا بنفس السبب ؛ إذ نفس السبب قد كان له في الأمرين جميعا ، والله أعلم.
وقوله : (وَما يَنْبَغِي لَهُ).
أن يشتغل بشيء مما يتلهى به ، والشعر في الأصل ؛ إنما جعل للتلهي به والتلذذ ؛ لذلك حيل بينه وبين طبعه إنشاد الشعر ؛ ليكون أبدا مشتغلا بما هو حكمة وعلم ، وفيما هو أمر الله ، لا بما فيه التلهي واللهو ، والله أعلم.
وقوله : (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ).
(إِنْ هُوَ) أي : ما هذا القرآن إلا ذكر ؛ لما نسوه من أمر الله ووعده ووعيده ومما لهم ، ومما عليهم ، يذكرهم ما نسوه وتركوه و (مُبِينٌ) : يبين لهم ما لهم وما عليهم ، أو يبين لهم ما يؤتى وما يتقى ، أو يبين لهم أنه من الله جاء ومن عنده نزل لا من عند المخلوقين.
أو (ذِكْرٌ) لأهل الكتاب ، يذكرهم بما نسوه مما كان في كتبهم من نعته وصفته وما