فحش ولا يكون فيه جمال ، ولكن يكون فيه قبح ، والله أعلم.
وقال بعضهم (١) : (عِينٌ) ، أي : حسان العيون ، والعين جماعة : العيناء ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ).
أي : مستور ، لا يصيبه مطر ولا ريح ولا غبار ولا شمس ولا شيء مما يصيب في الدنيا ؛ كقوله : (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌ) [الرحمن : ٥٦] ، والله أعلم.
وقال بعضهم : قوله : (كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ).
أي : قد خبى وكن من الحر والبرد والمطر فلم يتغير ؛ وهو مثل الأول.
وقال بعضهم (٢) : (بَيْضٌ مَكْنُونٌ) : هو كبيض النعام الذي يكنه الريش من الريح وغيره ، فهو أبيض إلى الصفرة فكأنه ينزف ؛ فذاك المكنون.
وقال بعضهم (٣) : شبهن بالبياض الذي يكون بين القشر وبين اللحا وهو أبيض شيء يكون ، والله أعلم بذلك ، لكن فيه وصفهن بالجمال والبهاء والحب لأزواجهن.
وقال بعضهم : البيض المكنون : هو المصون ، هو وصفهن بالصون والصيانة ؛ كقوله : (حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ) [الرحمن : ٧٢] ، والله أعلم.
وقوله : (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ* قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ* يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ ...) إلى آخر ما ذكر :
في بعض القصة : أن رجلين شريكين كان لهما ثمانون ألف دينار ، وذكر أنهما كانا أخوين ورثا ثمانين ألف دينار فاقتسما ـ وذكر أربعون ألف درهم ـ فعمد أحدهما إلى ماله فاشترى به قصورا وبستانا وفرشا وجواري ونساء ، فأنفقه في أمر الدنيا ، وعمد الآخر إلى ماله فأنفقه في طاعة الله ، وطلب مرضاته ، وطلب بعمده [الحياة] الدائمة في الآخرة ، وهذا مؤمن والآخر كافر طاغ ، ثم أصاب الذي أنفقه في طاعة الله وطلب مرضاته حاجة شديدة ، فقال : لو أتيت صاحبي هذا لعله أن ينال منه بمعروف ، فأتاه فسأله ، فأبى أن يعطيه شيئا ، وقال له : ما شأنك وما فعلت بمالك؟ فأخبره بما فعله به ، فقال له : (أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ* أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ) أي : محاسبون ، فرجع فقضى لهما أن توفيا فنزلت فيهما : (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ. قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ) وهو المؤمن حين أدخله الله الجنة (إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ* يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ) بالبعث بعد الموت (أَإِذا مِتْنا
__________________
(١) قاله السدي وابن زيد بنحوه أخرجه ابن جرير عنهما (٢٩٣٦٨ ، ٢٩٣٦٩).
(٢) قاله مجاهد أخرجه عبد بن حميد عنه كما في الدر المنثور (٥ / ٥١٧).
(٣) قاله ابن زيد أخرجه ابن جرير عنه (٢٩٣٧٤).