أربعين خريفا.
ويقول بعضهم (١) : كان ذلك الكبش في نفسه عظيما ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ).
قال أهل التأويل (٢) : أي : تركنا عليه في الآخرين الثناء الحسن.
ويجوز أن يكون قوله : (وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ) ذلك السلام الذي ذكر على أثره حيث
قال ـ عزوجل ـ : (سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ) ترك ذلك فينا ؛ لنسلم عليه وعلى جميع المرسلين ؛ كقوله : (سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ. وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ) [الصافات : ١٨٠ ، ١٨١] قد أمرنا أن نثني ونسلم على جميع الأنبياء والمرسلين ؛ وكقوله : «اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد» (٣) ويكون [سلام] الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ بعضهم إلى بعض كما كان بعضهم من شيعة البعض.
أو أن يكون ذلك السلام من الله لهم أمنا من كل خوف وسلامة عن كل خبث.
وقوله ـ عزوجل ـ : (كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ).
أي : كذلك نجزي كل محسن أن يترك له السلام والثناء الحسن في الآخرين ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ).
يحتمل هذا وجوها :
أحدها : أنه كان من عبادنا المؤمنين قبل أن يوحى إليه وقبل أن يبعث رسولا.
ويحتمل أنه من عبادنا المؤمنين الذين حققوا الإيمان في قوله وفعله ووفاء ما عليه.
أو أنه كان من عبادنا المؤمنين بمحمد صلىاللهعليهوسلم والأنبياء جميعا بعضهم يصدق بعضا ويؤمن به ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ).
كان سأل ربه الولد يقول : (هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) فاستجاب الله دعاءه وبشره بما ذكر ،
__________________
(١) قاله سعيد بن جبير كما في تفسير البغوي (٤ / ٣٥).
(٢) قاله قتادة أخرجه ابن جرير (٢٩٥٥٤) وذكره السيوطي في الدر المنثور (٥ / ٥٢٤) وزاد نسبته لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٣) أخرجه البخاري (٨ / ٣٩٢) كتاب التفسير : باب (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ ...) (٤٧٩٧) ، ومسلم في الصلاة (١ / ٣٠٥ ـ ٣٠٦) (٦٦ ـ ٤٠٦) ، وأبو داود (١ / ٢٥٧) ، كتاب الصلاة : باب الصلاة على النبي (٩٧٦).
والترمذي (٢ / ٣٥٢) أبواب الصلاة : باب ما جاء في صفة الصلاة على النبي صلىاللهعليهوسلم (٤٨٣) ، والنسائي (٣ / ٤٧ ـ ٤٨) ، وابن ماجه (١ / ٢٩٢ ـ ٢٩٣) كتاب إقامة الصلاة : باب الصلاة على النبي (٩٠٤).