ثم أخبر أنه نبي من الصالحين.
يحتمل قوله ـ تعالى ـ : (نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ) أي : نبيّا من السلف ؛ كقوله ـ عزوجل ـ : (وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) [يوسف : ١٠١] أي : نبيّا نصيره ونجعله من الأنبياء ؛ كقوله ـ عزوجل ـ : (هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى) [النجم : ٥٦].
ويحتمل أن تكون البشارة في الولادة [أي : في] الولد الذي سأل ربه.
ويحتمل أن بشر له بنبوته ، أو بشر لهما بهما بالولادة وبالنبوة جميعا ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَبارَكْنا عَلَيْهِ وَعَلى إِسْحاقَ).
البركة هي اسم كل خير لا يزال على الزيادة والنماء.
أو يقول : إن البركة شيء من أعطى كان لا تبعة عليه ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ).
(مُحْسِنٌ) أي : مؤمن مصدق (وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ) ، أي : كافر ، وهو ما قال ـ عزوجل ـ : (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) [البقرة : ١٢٤] ، فقال إبراهيم ـ عليهالسلام ـ : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) [البقرة : ١٢٤] أخبر أن في ذريته من لا ينال عهده كما ذكر هاهنا : أن في ذريته محسنا وهو مؤمن وظالم لنفسه مبين ، أي : كافر ظاهر مبين.
أو أن يكون قوله ـ عزوجل ـ : (مُحْسِنٌ) إلى نفسه ، أو محسن إلى الناس ، وهو إسحاق ، و [إن ثبت] ما روي أن رجلا سأل فقال : يا رسول الله ، أي الناس أكرمهم حسبا؟ قال : «يوسف صديق الله ابن يعقوب إسرائيل الله ابن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله» (١) فهو ذاك ، وإلا فلا حاجة لنا إلى معرفة ذلك أنه فلان أو فلان ؛ إذ لو كان لنا إلى بيان ذلك حاجة لبين وأزال الإشكال واختلاف الناس في ذلك والتكلم فيه فضل وتكلف ؛ إذ لا يحتمل أن يكون بالناس حاجة إلى معرفة ذلك وبيانه ، ثم لا يبين لهم ولا يعرف ذلك ، فدل ترك التنازع لذلك على أن لا حاجة لهم إلى ذلك ، والله أعلم.
وقال أبو عوسجة والقتبي : الذّبح : الكبش واسم ما يذبح ، والذّبح بنصب الذال مصدر ذبحت ؛ هذا قول القتبي.
__________________
(١) أخرجه الطبراني في الكبير (١٠ / ١٨٣ ـ ١٨٤) رقم (١٠٢٧٨) ، من طريق بقية بن الوليد عن شعبة عن أبي عبيدة عن ابن مسعود وقال الهيثمي في المجمع (٨ / ٢٠٥) : بقية مدلس وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه.
وله شاهد من حديث أبي هريرة ، أخرجه البخاري (٦ / ٤٨١) ، كتاب التفسير : باب قوله تعالى : (لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ) (٣٣٨٣) ، ومسلم (٤ / ١٨٤٦) ، كتاب الفضائل : باب من فضائل يوسف (١٦٨ ـ ٢٣٧٨).