وقوله ـ عزوجل ـ : (وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ).
قال بعضهم (١) : إن فرعون كان إذا غضب على أحد من قومه مده بأوتاد فيعاقبه بها ويعذبه ، والله أعلم.
وقال بعضهم (٢) : (وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ) ، أي : ذي البناء المحكم.
وقال بعضهم (٣) : كانت له أوتاد وأرسان ، أي : جبال وتلاعيب يلاعبون بها ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَما يَنْظُرُ هؤُلاءِ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً ما لَها مِنْ فَواقٍ).
يخبر ـ عزوجل ـ رسوله صلىاللهعليهوسلم ويؤيسه عن إيمانهم أنهم لا يؤمنون إلا عند وقوع العذاب بهم حتى لا ينفعهم الإيمان ؛ كقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ. وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ) [يونس : ٩٦ ، ٩٧].
ثم قوله ـ عزوجل ـ : (إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً) يحتمل أن يكون سمى نفس العذاب : صيحة.
وجائز أن يكون ذكر صيحة ؛ لما أن العذاب إذا نزل بهم ووقع عليهم يصيحون ، فسمى ذلك : صيحة ؛ لصياحهم.
أو أن يكون ذلك إذا نزل بهم كان فيه صياح ، وصوت الشيء الهائل العظيم الشديد إذا هو وقع ومال إلى الأرض ، كان فيه صياح وصوت حتى يفزع الناس منه ؛ فعلى ذلك الصيحة التي ذكر يحتمل ما ذكرنا ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (ما لَها مِنْ فَواقٍ).
قال أبو عبيدة : من فتحها أراد : ما لها من راحة ولا إقامة ، كأنه ذهب إلى إفاقة المريض من علته.
ومن ضمها جعلها من فواق الناقة وهو ما بين الحلبتين ، ويريد (ما لَها مِنْ فَواقٍ) : انتظار ومكث.
قال أبو عوسجة والقتبي : (ما لَها مِنْ فَواقٍ) ، أي : من انقطاع ؛ إذ هي دائمة أبدا لا تنقطع به.
وقال الكسائي : الفواق : بالنصب والرفع لغتان ، وهو من فواق الناقة بين الحلبتين
__________________
(١) قاله السدي والربيع بن أنس أخرجه ابن جرير (٢٩٧٦٩ ، ٢٩٧٧٠).
(٢) قاله الضحاك أخرجه ابن جرير (٢٩٧٧١).
(٣) قاله ابن عباس وقتادة أخرجه ابن جرير (٢٩٧٦٧ ، ٢٩٧٦٨).