والرضعتين.
وقال عامة أهل التأويل (١) : (ما لَها مِنْ فَواقٍ) ، أي : من مرد ومرجع وقرار.
وقال بعضهم : هو مد البصر ، يقول : هي أقرب من ذلك ، كقوله ـ عزوجل ـ : (وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ) [النحل : ٧٧] ، والله أعلم.
وأصل الفواق : كأنه من العود والرجوع كعود اللبن إلى الضرع بعد ما حلب مرة ، والله أعلم.
ذكر عن الحسن فى (٢) قوله ـ عزوجل ـ : (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) [ص : ١] يقول : حارث القرآن بقلبك وهو من قول العرب : صادته الدابة إذا كانت امتنعت فأطعمها حتى ذلت ولانت.
وقال أبو عوسجة : (ص) : هو أشد كلام وهو شبه قسم ، والصاد في غير هذا الموضع العطشان ، وقوم صادون.
ثم اختلف في موضع القسم على ما ذكر : قال الكسائي : من القسم في القرآن ما هو ظاهر لا يخفى ، ومنه غامض :
فمن ظاهره قوله ـ عزوجل ـ : (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ. الْجَوارِ الْكُنَّسِ) [التكوير : ١٥ ، ١٦] ، وجوابه قوله : (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) [التكوير : ١٩].
ومن غامضه : (ص) قال بعض الناس : موضع قسمه قوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) [ص : ٦٤] ، والله أعلم.
لا أراه شيئا لحال الكلام ولما قص من القصص ما لا يكون ذلك قسمه.
ولكن قسمه ـ والله أعلم ـ عندي : (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) ، ثم اعترض : (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ. كَمْ أَهْلَكْنا) القسم هاهنا ب (كَمْ أَهْلَكْنا) ، ولكن لما اعترض : (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا) صار قوله ردا عليه وجوابا له ؛ وهو غريب ظريف غامض.
وقوله ـ عزوجل ـ : (ذِي الذِّكْرِ).
قال بعضهم (٣) : ذي الشرف ، أي : من أوتيه شرف ، وقيل : ذي الشأن ، وقيل : ذي الذكر ، فيه ذكر ما يؤتى وما يتقى ، وذكر من كان قبله من الأمم الخالية.
__________________
(١) قاله قتادة أخرجه ابن جرير (٢٩٧٨٠) ، وذكره السيوطي في الدر المنثور (٥ / ٥٥٨) ، وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) أخرجه ابن جرير (٢٩٧٠٥) وعبد بن حميد كما في الدر المنثور (٥ / ٥٥٦).
(٣) أخرجه ابن جرير (٢٩٧١٧) ، وهو قول السدي وأبو حصين وسعيد وغيرهم.