قيل : الصافنات (١) : هو الخيل.
وقال بعضهم (٢) : الصافنات : هن القائمات على ثلاث قوائم ، رافعات إحدى الرجلين ، أو إحدى اليدين على طرف الحافر.
وقال بعضهم : الصافنات : هن القائمات لا غير ؛ وعلى ذلك ما روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «من تمنى أن يقوم له الرجال صفونا ـ أي : قياما ـ فليتبوأ مقعده من النار» (٣) أو كلام نحوه. والجياد (٤) : قيل : السراع ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ).
دل ما سبق من ذكر الصافنات الجياد بالعشي على أن قوله ـ عزوجل ـ : (حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ) إنما أراد به تواري الشمس بالحجاب ؛ إذ ليس شيء يتوارى بالحجاب في ذلك الوقت سوى الشمس.
ثم قوله ـ عزوجل ـ : (إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ) حتى شغلني عن ذكر ربي ؛ إذ المحبة يجوز أن يكنى بها عن الإيثار ، والله أعلم.
والثاني : إني أحببت حب الخير حبا حتى شغلني عن ذكر ربي حتى توارت الشمس بالحجاب على التقديم والتأخير ، والله أعلم.
ثم قوله ـ عزوجل ـ : (حُبَّ الْخَيْرِ) يجوز أن يكنى بالخير عن الخيل نفسه ؛ على ما روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة» (٥) ، سمى الخيل : خيرا ؛ فعلى ذلك قوله ـ تعالى ـ : (إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي) ، والله أعلم.
وقال بعضهم (٦) : صفونها : قيامها وبسطها قوائمها.
وقوله ـ عزوجل ـ : (رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ).
قال عامة أهل التأويل (٧) : أي : جعل يعقر سوق الخيل ويضرب أعناقها ـ والسوق : هو جماعة الساق ـ لما شغلته عن ذكر ربه وعن صلاة العصر حتى غفل عنها ، فجعل
__________________
(١) قاله قتادة أخرجه ابن جرير (٢٩٨٧٣) ، وعبد بن حميد كما في الدر المنثور (٥ / ٥٧٩).
(٢) قاله ابن زيد أخرجه ابن جرير (٢٩٨٧٥).
(٣) أخرجه البخاري في الأدب المفرد (٩٧٧) ، وأحمد (٤ / ٩١) ، وأبو داود (٥٢٢٩) ، والترمذي (٢٧٥٥).
(٤) قاله مجاهد أخرجه ابن جرير (٢٩٨٧٧) ، وعبد بن حميد وابن المنذر كما في الدر المنثور (٥ / ٥٧٩).
(٥) أخرجه البخاري (٦ / ٦٦) في الجهاد : باب الجهاد ماض (٢٨٥٢) ، ومسلم (٣ / ١٤٩٢) كتاب الإمارة : باب الخيل في نواصيها الخير (٩٧ ـ ١٨٧٢).
(٦) قاله قتادة أخرجه ابن جرير (٢٩٨٧٣) وعبد بن حميد كما في الدر المنثور (٥ / ٥٧٩).
(٧) قاله الحسن وقتادة أخرجه ابن جرير (٢٩٨٨٩) ، وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر كما في الدر المنثور (٥ / ٥٧٩).