أو أن يكون قوله : (لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ) لما وسع عليهم الدنيا ورزقهم الدعة يحسبون أنهم يخلدون ؛ لأن من وسع عليه الدنيا ويكون له الدعة والسعة في هذه الدنيا ، يطمئن فيها ويسكن ؛ وهو كما قال : (يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ) [الهمزة : ٣] ؛ فعلى ذلك الأول ، والله أعلم.
وقوله : (وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ) : كنى ـ والله أعلم ـ بالجبار عن الظالم والمعتدي ، أي : وإذا بطشتم بطشتم ظالمين.
والريع : هو المكان المرتفع.
وقال بعضهم (١) : هو الطريق.
ومصانع : قال بعضهم : البنيان ، وقيل : الحياض.
وقال أبو عوسجة : الريع : ما ارتفع من الأرض ، وجمع الريع : ريع ، وجمع الريع أرياع ؛ وهما واحد. والريع : الربح ـ أيضا ـ تقول : أراع إذا ربحت عليه ، وجمعه : أرياع.
ومصانع في موضع : قصور و [في] موضع : حياض يجتمع فيها الماء ، الواحد : مصنعة من كلاهما.
وقال : البطش : الأخذ ، يقال : بطشت بفلان أبطش بطشا ؛ إذا أخذته وقبضت عليه.
وقال القتبي (٢) ـ أيضا ـ : الريع : الارتفاع من الأرض ، والمصانع : البناء ، واحدها : مصنعة ؛ فكان المعنى : أنهم يستوثقون في البناء والحصون ، ويذهبون إلى أنها تحصنهم من أقدار الله وقضائه ، وهذا يشبه أن يكون ما ذكر ؛ لأنه قال في آخره : (لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ) أي : يبنون بناء كأنهم يخلدون ولا يموتون.
وقال : (وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ) أي : إذا ضربتم بالسياط [ضربتم] ضرب الجبارين ، وإذا عاقبتم قتلتم. وقال بعضهم : بطشتم : أخذتم بالظلم والاعتذار والاستحلال لما حرم الله.
وقال أبو معاذ : وكل بناء مصنعة. وفي حرف حفصة : وتبنون مصانع كأنكم خالدون.
والآية : العلم.
وقال بعضهم : الريع ما استقبل الطريق من الجبال والظراب.
وقال قتادة : كل نشز في الأرض.
__________________
(١) قاله ابن عباس وقتادة والضحاك ، أخرجه ابن جرير عنهم (٢٦٦٩٠) و (٢٦٦٩٥) ، و (٢٦٦٩٦) ، وانظر : الدر المنثور (٥ / ١٦٩).
(٢) ينظر : تفسير غريب القرآن (٣١٨ ، ٣١٩).