وفي بعض الأخبار : أنه قال عند نزول هذه الآية : «إني أرسلت إلى الناس عامة ، وأرسلت إليكم يا بني هاشم وبني عبد المطلب خاصة» ، وهم الأقربون وهما أخوان ابنا عبد مناف.
وعن الحسن قال : ذكر لنا أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم جمع أهل بيته قبل موته فقال : «ألا إن لي عملي ولكم عملكم ، ألا إني لا أملك لكم من الله شيئا ، ألا إن أوليائي منكم المتقون ، ألا لا أعرفنكم يوم القيامة تأتونني بالدنيا تحملونها على رقابكم ، ويأتيني الناس بالآخرة» (١).
وعن قتادة ذكر لنا أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بات ليلة على الصفا يفخذ عشيرته فخذا فخذا يدعوهم إلى الله ، قال في ذلك المشركون. لقد بات هذا الرجل يهوّت (٢) منذ الليلة. يقول يصيح ، فأنزل الله في ذلك : (قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى)(٣) الآية [سبأ : ٤٦].
ومعنى التخصيص في إنذاره عشيرته في هذه الآية يحتمل وجهين ـ وإن كانوا داخلين في جملة إنذار الناس جميعا في قوله : (لِلْعالَمِينَ نَذِيراً) إذ هم من العالمين ـ :
أحدهما : جائز أن يكونوا هم يطمعون شفاعة رسول الله يوم القيامة ، وإن لم يطيعوه ولم يجيبوه إلى ما يدعوهم إليه ؛ على ما روي عنه أنه قال : «كل نسب وسبب منقطع يومئذ إلا نسبي وسببي» (٤) ، فيشبه أن يكونوا يطمعون شفاعته يومئذ ـ وإن خالفوه بحق القرابة والوصلة ـ ما لا يطمع ذلك غيرهم من الناس إلا بالطاعة والإجابة ، فأمره أن ينذرهم ؛ لئلا يكلوا إلى شفاعته ، ولكن احتالوا حيلتهم بالطاعة والعمل لما يأمر ، وهو ما ذكر في الأخبار التي ذكرنا : «إني لا أملك لكم من الله نفعا ولا ضرّا ، ألا إن أوليائي منكم المتقون» (٥) ، أخبر أن لا ولاية إذا لم يتقوا مخالفته.
والثاني [](٦).
وقوله : (وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) : قيل (٧) : لين جانبك لمن اتبعك من
__________________
ـ ٢٠٦) ، والترمذي (٥ / ٢٤٧) ، في التفسير باب : (ومن سورة الشعراء) (٣١٨٥) ، وابن جرير (٢٦٧٨٩) و (٢٦٧٩٠) ، والبغوي في شرح السنة (٧ / ٩١) ، وأحمد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه ، والبيهقي في شعب الإيمان وفي الدلائل ، كما في الدر المنثور (٥ / ١٧٩).
(١) أخرجه عبد بن حميد ، كما في الدر المنثور (٥ / ١٨٠) ، من طريق قتادة عنه ، وأخرجه ابن جرير (٢٦٨١١) ، عن قتادة.
(٢) يهوّت : يصيح. ينظر : المعجم الوسيط (٢ / ١١٠٩).
(٣) أخرجه عبد بن حميد ، كما في الدر المنثور (٥ / ١٨٠).
(٤) تقدم في سورة المؤمنون.
(٥) تقدم.
(٦) بياض في أ.
(٧) قاله ابن زيد ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٦٨١٣).