وقال بعضهم (١) : الشعراء عصاة الجن يتبعهم غواة الإنس ؛ كقوله : (شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ) [الأنعام : ١١٢].
وقال بعضهم (٢) : هم الكفار يتبعون ضلال الجن والإنس ؛ وهو مثل الأول.
وقوله : (أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ) : قال بعضهم (٣) : في كل فن يأخذون ، أي : يمدحون قوما بباطل ، ويذمون قوما بباطل.
(وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ) ، وأنهم يصفون ما لا يعلمون ؛ وكذلك ذكر في بعض الحروف أنه كذلك.
وقال بعضهم (٤) : إنهم في كل لغو وباطل يخوضون.
(وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ) يقول : في أكثر قولهم يكذبون.
وقال بعضهم : (وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ) أي : يقولون : فعلنا كذا ، وهم كذبة ؛ لم يفعلوا ذلك.
وقال أبو عوسجة : (يَهِيمُونَ) أي : يذهبون ويمضون ويركبون كل واد ، هام يهيم هيما فهو هائم ، ويقال : الهائم : العطشان ، يقول : هام يهيم هيما ، وهيمان : عطشان ، وقوم هيم ، والهائم ، الواهن المحب الذي هو عطشان إلى لقاء من يحب ، والتهويم : النوم ؛ يقال : هوم يهوم تهويما ، وقوله : (فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ) هم العطاش ، والواحد : هيمان.
وقال القتبي (٥) : (فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ) أي : في كل واد من القول [و] في كل مذهب يذهبون ؛ كما يذهب الهائم على وجهه.
وقوله : (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيراً) : هذا الاستثناء يحتمل أن يكون من قوله : (وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ) وهو ما ذكرنا ؛ كأنه قال : أولئك الشعراء وهم القادة منهم الذين قالوا : نحن نقول بمثل ما أتى محمد صلىاللهعليهوسلم وقالوا الشعر وأنشدوه واجتمع إليهم غواة من قومهم يستمعون أشعارهم ، ويروون عنهم حين يهجون النبي وأصحابه ، فاستثنى شعراء المسلمين الذين قالوا الشعر وأنشدوه في انتصار رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه فقال : (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) فإنهم لا يتبعهم الغاوون.
__________________
(١) قاله مجاهد ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٦٨٣٤) و (٢٦٨٣٥) ، وعن قتادة (٢٦٨٣٦) ، وعكرمة (٢٦٨٣٧).
(٢) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٦٨٤٠) وانظر : الدر المنثور (٥ / ١٨٦).
(٣) قاله قتادة ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٦٨٤٥) ، وانظر : الدر المنثور (٥ / ١٨٦).
(٤) قاله ابن عباس أخرجه ابن جرير عنه (٢٦٨٤٢).
(٥) ينظر : تفسير غريب القرآن ص (٣٢١).