هذا لا يدرى من هو ثم تأول البلخي الآية على أن هذه الآية معناها بعد وجودهم في الحياة الدنيا وأن معنى أشهدهم أنه جعل في عقولهم الدلالة على ذلك.
يقول علي بن موسى بن طاوس إن القول الذي حكاه عن عمر وطعن فيه بالوجوه التي ذكرها ما يقتضي طعنا صحيحا لأن بني آدم خلقوا جميعهم من ظهر آدم لصلبه بغير واسطة والآية ظاهرة على ما روي عن عثمان يتضمن أنه أخذ الذرية على ما ينتهي حالها إليه إلى يوم القيامة فيكون من ظهورهم ذريتهم ولا يجوز أن يكون من ظهر آدم فحسب لأنها ظهور كثيرة وذرية كثيرة وأما قول البلخي إنما قولهم أشرك آباؤنا وكنا ذرية من بعدهم يقتضي أنهم في الحياة الدنيا فعجبت من البلخي إن الله تعالى قد حكى قولهم يوم القيامة لئلا تقولوا (إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ) ولئلا تقولوا (إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ) فكان الإشهاد عليهم على روايته عن عمر لئلا تقولوا يوم القيامة هذا وهو واضح ولا أدري كيف اشتبه هذا على البلخي وأما قول يحيى بن معين إنه ما يعرف الراوي عن عمر فليس كل أحد يعرفه يحيى بن معين وإنما يعرف بقدر مجهوده في علمه ويكفي أن يحيى بن معين يعرف الذي روى عن سليمان بن يسار وأنه عنده ثقة وكيف يطعن على الرجل المعروف بروايته عمن لا يعرف يحيى بن معين وإنما كان عند البلخي طعن غير ما ذكره على روايته عن عمر فيكون طعنا صحيحا فيكون الحكم له وإلا فقد كشفنا عن طعونه في هذا الباب وهي بعيدة عن الصواب.
أقول وأما قول البلخي الذر لا حجة عليهم وطعنه بذلك في التأويل فيقال قد عرف أهل العلم أن قد روي أن المتكبرين يحشرون يوم القيامة في صورة الذر فإذا كان يوم المواقفة والمحاسبة يكونون في صورة الذر ويصح حسابهم جاز أن يخرجوا من ظهور آبائهم في صورة الذر ويمكن سؤالهم وتعريفهم ويقال لهم إذا كان الذي يخاطب العقول والأرواح وكان المسلمون قد رووا أول ما خلق الله العقل فقال له أقبل فأقبل وقال له