فإذا هبطا صعد الملكان الموكلان بالليل وإذا غربت الشمس نزل إليه الملكان الموكلان بكتابة الليل ويصعدان الملكان الكاتبان بالنهار بديوانه إلى الله فلا يزال ذلك دأبهم إلى وقت حضور أجله فإذا حضر أجله قالا للرجل الصالح جزاك الله من صاحب عنا خيرا فكم من عمل صالح أريتناه وكم من قول حسن استمعناه وكم من مجلس خير أحضرتنا فنحن اليوم على ما تحبه وشفعاء إلى ربك وإن كان عاصيا قالا له جزاك الله من صاحب عنا شرا فلقد كنت تؤذينا فكم من عمل سيئ أريتناه وكم قول سيئ استمعناه ومن مجلس سوء أحضرتناه ونحن لك اليوم على ما تكره وشهيدان عند ربك وفي رواية أنهما إذا أرادا النزول صباحا ومساء ينسخ لهما إسرافيل عمل العبد من اللوح المحفوظ فيعطيهما ذلك فإذا صعدا صباحا ومساء بديوان العبد قابله إسرافيل بالنسخة التي تنسخ لهما حتى يظهر أنه كان كما نسخ منه. وعن ابن مسعود أنه قال الملكان يكتبان أعمال العلانية في ديوان وأعمال السر في ديوان آخر من خيراته وكذلك من سيئاته فعلى هذا القول يكون لكل إنسان في كل يوم وليلة ثمانية دواوين ديوانان لخيراته بالنهار وحسناته وديوانان لسيئات النهار وكذلك ديوانان لحسنات الليل وديوانان لسيئات الليل فأما أربعة دواوين كل يوم وليلة فلا شك فيهما وإن دواوين أهل السعادات توضع في عليين تحت العرش ودواوين أهل الشقاء توضع في سجين في سقف جهنم.
أقول والله لو تهدد لابن آدم بعض ملوك الدنيا أو سمع أن أحدا يتوعده بدون هذه الأهوال لكان قد قصر في سوء الأعمال والأقوال وقبائحه ما الذي يهون عنده تهديد الله ورسوله ورضي بالتهوين والإهمال
فصل فيما نذكره من كتاب الناسخ والمنسوخ تأليف نصر بن علي البغدادي وهو مضاف إلى قصص القرآن للنيسابوري من تفسير سورة عسق من الآية الخامسة بلفظه الخامسة (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) اختلف المفسرون على وجهين فقالت طائفة هي محكمة لم تنسخ بشيء ـ