إذا لم يعالجه صاحبه بإخراجه إلى مالكه وعمارة ما يحتاج إليه من المنازل ولأن من أحب المال لذاته فهو ميت العقل سكران بجهالته وما هو إلا حجر كبعض الأحجار وإن لم يبادر صاحبه في نفاقه في المسار وإلا كسد وصار كالتراب وكبعض الجدار.
فصل فيما نذكره من الجزء الخامس من التبيان من الوجهة الأولى من رابع قائمة من الكراس السابع والعشرين من أصل المجلد الثاني قوله جل جلاله ـ (قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) قال جدي الطوسي وفي الآية دلالة على النبوة لأنه أخبر بأنهم لا يتمنون الموت أبدا وما تمنوه فكان ذلك إخبارا بالصدق قبل كون الشيء وذلك لا يعلمه إلا الله تعالى.
يقول علي بن طاوس اعلم أن هذه الآية من أقوى الآيات الباهرات على صدق النبي (ص) وهي كالمباهلة التي جرت مع نصارى نجران كالتحدي بالقرآن بل ربما كانت أظهر في الحجة والنكت لأن بعضهم عند التحدي التجأ إلى البهت وقال لو نشاء لقلنا مثل هذا ولم ينقل ناقل وما ادعى عارف فاضل أنهم تمنوا الموت وباهتوه بذلك عند نزول هذه الآية.
أقول إنه لو انصرفت همم المسلمين والمتكلمين إلى الاحتجاج بها على الكافرين وبآية المباهلة التي عجز الأعداء عنها بأطباق سائر الناقلين لكان ذلك أقرب مخرجا وأوضح منهجا وأسرع إلى فهم القلوب والألباب وأقطع لتأويل أهل الارتياب فإنهم كلفوا في هذه الآية وفي آية المباهلة ذكر كلمات يسيرة ما كانت تتعذر على من يريد مغالبة عدوه ودفع حروب وأخطار كبيرة كثيرة فعجزوا عنها وهربوا منها بل كان في نفس الثقة النبوية والحجة المحمدية بدعواهم إلى هذا المقدار برهان باهر أنه على أعظم يقين من حقه القاهر وسلطانه جل جلاله العزيز الناصر وربما كان الصارف عن الاحتجاج بآية المباهلة كونها كانت بأهل البيت ـ