اما البراءة العقلية ففي الكفاية بعد اختياره عدم جريانها في شيء من الأقسام ، قال (١) : بداهة ان الأجزاء التحليلية لا تكاد تتصف باللزوم من باب المقدمة عقلا ، فالصلاة مثلا في ضمن الصلاة المشروطة أو الخاصة موجودة بعين وجودها ، وفي ضمن صلاة أخرى فاقدة لشرطها وخصوصيتها تكون مباينة للمأمور بها انتهى.
ويرد عليه ما عرفت من ان جريان البراءة لا يتوقف على الانحلال ، بل يتوقف على العلم بتعلق التكليف بالطبيعي ، والشك في تعلقه بالخصوصية الزائدة ، وعدم معارضة الأصل الجاري في المقيد ، والمشروط ، والخاص بالأصل الجاري في المطلق.
والمقام كذلك ، فإن تعلق التكليف في هذه الأقسام بالطبيعي معلوم ، وامره مردد بين تعلقه بالمطلق أو المقيد ، وحيث ان التقييد كلفة زائدة ، فيرتفع بالأصل ، ولا يجري الأصل في الإطلاق ، لأنه يقتضي التوسعة لا التضييق ، وليس فيه كلفة زائدة حتى ترتفع بالأصل.
وان شئت قلت : ان عدم الإتيان بالطبيعي الجامع موجب لاستحقاق العقاب قطعا لأنه يوجب ترك الواجب على كل تقدير ، واما لو أتى به من دون القيد فالعقاب عليه لا يكون عقابا مع البيان فيكون قبيحا.
وبعبارة أخرى : ترك الواجب على فرض لزوم المقيد مستند إلى عدم البيان لا إلى تقصير العبد كي يستحق العقاب.
__________________
(١) كفاية الأصول ص ٣٦٧.