الشك في وجوبه مع الإتيان ، بما يحتمل كون عدلا له ، بعد العلم بوجوبه في صورة عدم الإتيان به. ولا ريب في ان ذلك أمر وجودي ، ومورد للبراءة.
وان شئت فقل : ان وجوبه عند ترك ما يحتمل كونه عدلا له ، معلوم ، ووجوبه في فرض عدم الإتيان به مشكوك فيه ، فيجري فيه البراءة ويثبت بها عدم وجوبه في تلك الحالة ، فيثبت التخيير.
واما على الثاني : فالعلم بكون الواجب تعيينيا ، أو تخييريا ، عبارة عن العلم بتعلق التكليف بالجامع ، والشك في كونه لا بشرط ، أي كونه مطلقا ، أو بشرط شيء وبنحو التقييد ، والاعتباران أي اللابشرطية ، وبشرط شيئية وان كانا متقابلين ولا يكون شيء منهما متيقنا ، إلا انه عرفت غير مرة ، ان أصالة البراءة عن التقيد ، غير معارضة باصالة البراءة عن الإطلاق ، لان الإطلاق يوجب التوسعة ، لا التضييق ، فلا يشمله دليل البراءة ، فيجري الأصل في التقيد ، وبه ينحل العلم الإجمالي ، فإذا ثبت عدم التقيد ، لا يكون الشك شكا في سقوط التكليف المنجز ، فلا يكون موردا لقاعدة الاشتغال ، بل بعد ارتفاع احتمال التقيد لا يبقى شك في الامتثال.
فالمتحصّل مما ذكرناه انه لاوجه للقول باصالة التعيين في هذا القسم ، بل المرجع أصالة البراءة عن الالزام بإتيان خصوص ما يحتمل كونه واجبا تعيينيا.
وبذلك يظهر ان الوجه الثاني الذي ذكره المحقق النائيني (ره) (١) لعدم جريان البراءة الشرعية في المركبات التحليلية فيما إذا كان يحتمل دخله في
__________________
(١) فوائد الأصول ج ٤ ص ٢٠٧.