ان التخيير على ثلاثة أقسام :
الأول : التخيير الشرعي الذي يحكم به الشارع ابتداء كما في تعارض الخبرين مع عدم المرجح.
الثاني : التخيير الثابت في مورد التزاحم الذي يحكم به العقل فإنه إذا لم يتمكن المكلف من امتثال التكليفين معا لا محالة يسقط الإطلاق من كل من الدليلين ، فتكون النتيجة : ثبوت التكليف في كل منهما مشروطا بعدم الإتيان بالآخر.
أو يسقط الخطابان ويستكشف خطاب تخييري من الملاكين الملزمين ، على اختلاف المسلكين.
الثالث : التخيير الثابت من جهة الاقتصار على المتيقن في رفع اليد عن ظواهر خطابات المولى ، كما لو ورد عام أفرادي له إطلاق أحوالي مثل ما لو قال اكرم كل عالم فإن مقتضى اطلاقه الاحوالي لزوم إكرام كل فرد ، في كل حال ، حتى في حال إكرام الآخر ، ثم علمنا عدم وجوب إكرام فردين من العلماء كزيد وعمرو مثلا معا ، ودار الأمر بين ان يكون كل منهما خارجا عن تحت العام رأسا فلا يجب إكرامهما ، وبين ان يقيد اطلاقه الاحوالي فيجب إكرام كل منهما عند ترك إكرام الآخر ، ومن المعلوم ان المتعين هو الثاني.
وبعبارة أخرى : الضرورات تتقدر بقدرها ، فالمقدار المعلوم خروجه عن تحت العام هو عدم وجوب إكرامهما معا ، واما الزائد عن ذلك فمقتضى عموم العام ، هو لزوم إكرام كل منهما منفردا ويترتب على هذا ثمرات مهمة في الفقه.