إذا عرفت هذه المقدمة ، فاعلم ان المدعى جريان القسم الثالث في المقام دون الاولين ، بدعوى ان مقتضى إطلاق أدلة الأصول ثبوت الترخيص في كل واحد من أطراف العلم الإجمالي ، سواء ارتكب الأطراف الأخر أم لم يرتكب ، وقد علمنا من حكم العقل بقبح الترخيص في المعصية ، انه لم يرخص الشارع في ارتكاب جميع الأطراف ، ودار الأمر بين ان يرفع اليد عن الترخيص في الجميع رأسا ، وبين أن يرفع اليد عن إطلاق الترخيص في كل طرف وتقييده بما إذا لم يرتكب الأطراف الأخر ، وقد عرفت ان المتعين هو الثاني.
ولازم ذلك هو التخيير في ان يطبق الترخيص على أي طرف شاء المكلف.
وبهذا البيان يظهر انه لا يلزم من ذلك استعمال اللفظ في أدلة الأصول في المعنيين أي ، الترخيص التعييني في الشبهات البدوية ، والتخييري في المقرونة بالعلم الإجمالي.
وأورد عليه بإيرادات :
أحدهما : ما عن المحقق النائيني (ره) (١) وهو انه في المقام حيث يستحيل الإطلاق فيستحيل التقييد أيضاً ، لان التقابل بين الإطلاق والتقييد إنما يكون من تقابل العدم والملكة فإذا لم يمكن الإطلاق ثبوتا كيف يمكن التقييد في مقام الإثبات.
وفيه : انه في موارد العدم والملكة ، امتناع أحدهما لا يستلزم امتناع الآخر ، بل ربما يكون الآخر ضروريا ، مثلا الجهل في المبدأ إلا على محال ، والعلم
__________________
(١) أجود التقريرات ج ٢ ص ٢٤٥. وفي الطبعة الجديدة ج ٣ ص ٤٢١.