وفيه : ان الوجوب كما حقق في محله ليس مركبا بل هو بسيط ، كما انه قد تقدم ان الحديث لا يثبت الحكم فانه ناف لا مثبت ، وأيضا هو ينفي الحكم الشرعي دون الأحكام العقلية ، ـ وعليه ـ فلا معنى لنفي اللزوم وبقاء الجواز بمعنى نفي احد الضدين وبقاء الآخر ، أو نفي الحكم العقلي.
الإيراد الثالث : وهو يختص بالمستحب ، وما هو من قبيل الوضوء ، وهو ان حديث لا ضرر ، بما انه وارد في مقام الامتنان ، فلا يصلح ان يكون رافعا للاستحباب إذ لا كلفة في وضعه كي يرفعه ، وإنما يرفع التكاليف اللزومية.
وعليه فبما ان الوضوء مع قطع النظر عن وجوبه الغيري ، مستحب نفسي على الأظهر ، ومستحب غيري على المسلك المشهور بين الأصحاب ، من ان المطلوب النفسي هو الكون على الطهارة الحاصل من الوضوء ، فالأمر اللزومي المتعلق به وان كان منفيا بالحديث ، إلا ان امره الاستحبابى يكون باقيا ، فيصح الوضوء الذي أتى به بداعي ذلك الأمر النفسي.
فالمتحصّل مما ذكرناه ، ان حديث نفي الضرر ، بالنسبة إلى الواجبات من قبيل العزيمة ، لا بمعنى الحرمة بل بمعنى عدم الأمر بالفعل الضرري ، وحيث لا يشمل المستحبات ، فالمستحبات الضررية ، وما يكون فيه ملاكان ، للوجوب ، والاستحباب ، كالوضوء ، يكون امر الاستحبابي باقيا ، فيصح الاتيان به بداعي ذلك الأمر لو كان عبادة ، فلو تحمل الضرر وتوضأ يصح وضوؤه.