التقييد على الثاني يؤخذ بالمقدار الثابت ، وفي الزائد عليه يرجع إلى الإطلاق كما هو الشأن ، في كل إطلاق وعام ، وقد اعترف دام ظله (قدسسره) بذلك في دليل الأصل في مبحث شموله لأطراف العلم الإجمالي بنحو التخيير (١).
والحق ان يقال انه في القسم الثاني ، وهو ما لو علم بطرو احد تلكم الأمور بعد تحقق العلم الإجمالي ، كما لو علم بنجاسة ما في احد الإنائين ثم انعدم أحدهما أو خرج عن محل الابتلاء أو اهريق ما فيه وانعدم أو علم بوجوب القصر أو التمام صلى القصر أو التمام ، يجري استصحاب بقاء الحكم المعلوم بالإجمال من وجوب الاجتناب ، أو لزوم الإتيان ، فإنه حين ما علم اجمالا بنجاسة ما في احد الإنائين أو وجوب احد الفعلين ، علم بتوجه خطاب لزومي إليه ، وبعد طرو المانع يشك في بقائه إذ لو كان في ذلك الطرف ، فقد ارتفع ، ولو كان في الطرف الآخر فهو باق ، فلا محالة يجري الاستصحاب وحيث ان المستصحب حكم شرعي لا يتوقف جريان الاستصحاب على وجود أثر شرعي آخر بل يتوقف على ترتب أثر عملي عليه ، وهو يتحقق في المقام وهو الاجتناب عن الطرف الآخر ، أو الإتيان به حيث ان العقل يحكم بذلك تحقيقا للامتثال القطعي.
وبهذا البيان يظهر انه لا نحتاج إلى اثبات ان هذا الفرد لازم الاجتناب ، أو يجب الإتيان به ، حتى يقال ان الاستصحاب المذكور لا يثبت ذلك لكونه لازما عقليا ، بل المستصحب بنفسه حكم شرعي مجرى الاستصحاب والعقل في مقام
__________________
(١) مصباح الأصول ج ٢ ص ٣٣٢.