وثانيا : انها لو ثبتت بها لا مانع من شمول القاعدة لها في نفسها ، لان القاعدة من قبيل القضية الحقيقية وتنحل إلى قضايا عديدة بحسب ما للتضرر من الأفراد ، وعليه فإذا شملت القاعدة لجواز التصرف وثبت بها حرمة التصرف وكانت الحرمة موجبة لتضرر الجار يتولد منه مصداق آخر للقاعدة فيشملها القاعدة ولا يلزم تقدم ما هو متاخر ، فان المتأخر غير ما هو متقدم وهو واضح.
اللهم إلا ان يقال ان حديث لا ضرر بحسب المتفاهم العرفي لا ينفي الحكم الذي اثبته الحديث ، وعليه فالعمدة هو الإيراد الأول.
ولكن يرد على هذا الوجه ، انه حيث تكون القاعدة في مقام الامتنان على الامة ولا منة على العباد في الحكم بتحمل الضرر لدفع الضرر عن الغير ولو كان ضرره اعظم من ضرر نفسه فالحديث لا يشمل سلطنة المالك على التصرف في ماله ولا يقتضي حجره عنه.
أضف إليه انه لو سلم تعارض الضررين وسقوط القاعدة بالنسبة اليهما يكون مقتضى قاعدة نفي الحرج هو عدم حجر المالك عن التصرف في ماله.
ومن هذين الايرادين يظهر وجهان آخران لجواز التصرف.
الرابع : الإجماع ، ولكنه لمعلومية مدرك المجمعين لا يعتمد عليه.
الخامس : ما ذكره بعض المحققين تبعا لسيد الرياض ، بان عموم التسلط يعارض عموم نفي الضرر والترجيح للاول للأصل والاجماع.
ويرده ان قاعدة لا ضرر حاكمة على قاعدة السلطنة كما مر مفصلا.
ويمكن ان يستدل للجواز مضافا إلى الوجهين المتقدمين