وعليه فإذا فرض كون الصدر في مقام جعل الحكم الواقعي لا بد من اخذ العلم طريقا محضا ، فيكون معنى حتى تعلم انه قذر حتى تتقذر بملاقاته مع القذارة نظير قوله تعالى : (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ)(١). فتتمحض النصوص في إفادة الحكم الواقعي.
وإذا كان المغيا في مقام جعل الحكم الظاهري يكون العلم بنفسه غاية وتتمحض النصوص في جعل الطهارة أو الحلية الظاهرية.
وبعبارة أخرى : ان قوله (ع) (حتى تعلم انه قذر) وكذا قوله (ع) : (حتى تعلم انه حرام بعينه) اما ان يكون قيدا ، للموضوع ، أو يكون قيدا للمحمول.
ومفاده على الأول جعل الحكم الظاهري ، وعلى الثاني جعل الحكم الواقعي ، وعلى التقديرين لا يدل على الاستصحاب.
وبما ذكرناه ظهر ضعف القول الثاني ، الذي اختاره المحقق الخراساني.
كما انه ظهر ضعف ما نسب إلى صاحب الفصول ، وهو كون الأخبار في مقام جعل القاعدة والاستصحاب معا.
ويرد عليه مضافا إلى ما مر : انه لا يعقل الجمع بينهما ، إذ الشك في الحكم الظاهري لا يتصور ، وهو اما مقطوع البقاء أو مقطوع الارتفاع ، لان موضوعه الشك وهو حالة نفسانية للإنسان وهو على نفسه بصير ، فإما ان يكون الشك
__________________
(١) الآية ١٨٧ من سورة البقرة.