المسلك الأول : ما اختاره المحقق الخراساني في الكفاية (١) وهو ان الاضطرار إلى غير المعين مانع عن العلم بفعلية التكليف ، فإنه موجب لجواز ارتكاب احد الأطراف أو تركه تخييرا. وهو ينافي العلم بحرمة المعلوم أو بوجوبه بينها فعلا.
أقول : ان مراده من ذلك ، ان كان ان الترخيص الواقعي ينافي العلم بحرمة المعلوم ، فيرد عليه ما ستعرفه عند بيان المختار.
وان كان مراده ان الترخيص الظاهري ينافي معه من جهة ان العلم الإجمالي علة تامة لوجوب الموافقة القطعية ، ولا يجوز الترخيص في تركها ، فقد مر ما فيه مفصلا فراجع.
المسلك الثاني : ما ذهب إليه المحقق النائيني (ره) (٢) وهو البناء على التوسط في التكليف والحكم بوجوب الاجتناب عن غير ما يرفع به الاضطرار في المحرمات والإتيان بغيره في الواجبات ، حتى في صورة تقدم الاضطرار على حدوث التكليف.
بدعوى ان الاضطرار إنما تعلق بالجامع بين الحلال والحرام ، ولم يتعلق بخصوص الحرام ، فنفس الاضطرار لا يكون موجبا لرفع الحرمة ، ولاوجه لرفع اليد عن حرمة الحرام المعلوم بالإجمال.
ألا ترى انه لو اضطر إلى شرب احد الماءين مع العلم التفصيلي بنجاسة أحدهما لا يتوهم احد رفع الحرمة عن الحرام المعلوم بالتفصيل لأجل الاضطرار
__________________
(١) كفاية الأصول ص ٣٦٠.
(٢) فوائد الأصول للكاظمي الخراساني ج ٣ ص ٢٥٨.