السابقة : بان المقتضى موجود وهو جريان دليل الاستصحاب وعدم ما يصلح مانعا عدى أمور :
الأمر الاول : ما اشتهر من ان هذه الشريعة ناسخة لغيرها من الشرائع فلا شك في بقائها حينئذ.
والظاهر ان منشأ ما ذكر : ان الحكم المجعول لا مقام له سوى مقام الوحى به بلسان جبرائيل على قلب النبي (ص) ، فذلك الإنشاء القائم بجبرائيل ، عين جعله تعالى ، فيكون الباقي عين ذلك الموحى به إلى ذاك النبي ، وعليه ، فإذا بقى حكم واحد من أحكام الشريعة السابقة لزم كون نبينا (ص) تابعا لذلك النبي السابق في ذلك الحكم ، وهذا ينافي ما دلت النصوص الكثيرة عليه من ان الانبياء لو كانوا أحياء لما وسعهم إلا اتباعه وانه افضل الانبياء هذا بناءً على عدم كون جعل الحكم بيد النبي (ص) وإلا فالامر اوضح.
واجيب عنه بان جعل الأحكام إنما يكون من قبل الله تعالى وله مقام غير مقام الوحى : إذ جبرائيل يكون سفيرا ومبلغا لتلك الأحكام المجعولة المحفوظة في اللوح المحفوظ لا انه منشئها.
وعليه فبقاء حكم من أحكام الشريعة السابقة لا يستلزم اتباع نبينا (ص) لذلك النبي كما لا يخفى ، فعدم الدليل على نسخ الجميع يكفي في الحكم بالعدم.
ويمكن ان يقال كما أفاده المحقق الأصفهاني (ره) (١) بان اللوح المحفوظ عند
__________________
(١) نهاية الدراية ج ٣ ص ٢١٦.